سلسلة طريق النجاة 2
إلي كل عاقل يبحث عن
الحق والحقيقة أهدي هذا العمل
التقارب والاختلاف
في
النصوص
المقدسة
تأليف
: د حسين رضوان اللبيدي
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد وكلمة حق
هذا العمل
الفريد قد يكون بداية لمزيد من الأعمال في مجاله بمعنى أنني أقدمه لعقول الباحثين
العاقلين ليكون بداية لعصر جديد نستبدل فيه الحوار العقلي الراقي بدلا من الصراع
الغبي باسم المقدس وليوسع الباحثون مساحة البحث في هذا المجال ليكون حجة للعقل
وحجة عليه .
فكم أدى
التكفير العصبي إلى بحار من الدماء والدموع بلا داعي أو مبرر ، وكم سقطت ضحايا
بريئة بسبب التعصب الأعمى والعصبية البغيضة باسم المقدس ، وكم قادت الشياطين جيوش
اللصوص والمنتفعين باسم المقدس .
وهاهي عالمة فلسفة
الحضارة والمؤرخة العالمية ذائغة الصيت ( زيجريد هونكه ) الألمانية ، - والذي كرمها الرئيس مبارك بأعلى وسام علمي
عام1988- هاهي تقول في كتابها الشهير ( الله ليس كذلك ) فيما ملخصه : إن البابا (
أوربان الثاني ) أراد أن يحقق أهداف سياسية وأطماع دنيوية خسيسة وظالمة تبدأ
بتوحيد الكنائس المنشقة في الشرق ثم الإنقضاض بها على ديار المسلمين الغافلين
والمسالمين ، فأخذ يصيح أمام الجنود من الشباب العاطل وا مصيبتاه إن المسلمين
الكفار في الشرق يهدمون قبر المسيح ويخربون كنيسة القيامة ويضطهدون إخوانكم
المسيحيين ويقتلونهم ويغتصبونهم ، فحي على الجهاد لتطهير مقدساتكم ونجدة إخوانكم
وتطهير الأرض المغتصبة من هؤلاء الأجلاف الكفار المجرمين ، ولقد كان البابا مجرماً
ومغرضاً ، فلقد كانت العلاقة طيبة بين
المسلمين وغيرهم يسودها الاحترام والتواصل
- محفوظة أرواحهم وممتلكاتهم
وأعراضهم وكانت ترمم معابدهم وتحفظ مقدساتهم والتي كانت مفتوحة الأبواب أمام
حجاجهم ، وفعلا نجح الكهنة المجرمون فتحركت
الجيوش لتبيد كل من أمامها من أطفال وشيوخ ونساء ولتغرق الأرض في بحار من دماء
المسلمين وتحتل أراضيهم.
ولقد بينت عالمة التاريخ الألمانية ( زيجريد
هونكه ) التمهيد النفسي الذي اخترعه البابا – المخادع - لإنجاح جرائمه الفائقة الحد والوصف ، بأنه كلف
الكهنة المتحركين النشطين بإشاعة أن المسلمين مجرمين إرهابيين كفار يخربون قبر
المسيح ويهدمون الكنائس ومغتصبين للأرض والعرض ويضطهدون أهل الصليب ، وفى نفس
الوقت كان يستصرخ الشباب العاطل هيا إلى جهاد الكفار وانصرواْ الرب وطهرواْ الأرض
من الكفار .
وهذا ما يدور الآن
تماماً ، حملات عسكرية صليبية يقودها الكهنة وحملات تشكيك وتشويه فى كتاب الله
الحق وفى رسوله الخاتم بل وسب فى آل البيت ، وحملات مستمرة تهدف إلى لصق تهمة
الإرهاب بالإسلام تمهيداً لشن حرب عالمية عليه أو كسب التأييد العالمي لذلك ، وفى
نفس الوقت صيحات كاذبة تقول : النجدة
المسيحيون يقتلون ويغتصبون ويضطهدون وتحرق كنائسهم ، وكل ذلك باطل لدرجة أن بعض
المفكرين عبر بأن حال الأقلية أفضل من حال الأغلبية من الناحية المادية والعلمية
وحقوق الإنسان ، حتى أن هناك نكتة ترددت بأن الأغلبية المسلمة سترفع شكوى لتسويتها
بالأقلية المميزة .
والوحي (
المقدس ) لم ينزل إلا رحمة للعالمين وهدى للمتقين وتوحيدا لصفوف عباد الرحمن
الموحدين ، فكيف يكون سببا في قيادة البشرية إلى الفتن والصراعات المدمرة والعدوان
الظالم .
إنها الشياطين
تلبس على المكلفين لتخرجهم من النور إلى الظلمات ومن التوحد إلى الصراع ومن
التعارف إلى التباغض حتى تسمم عليهم حياتهم وتكفرهم قبل مماتهم ولا حول ولا قوة
إلا بالله .
فهاهي الحروب
الصليبية القديمة تقود مذابح رهيبة ضد المسلمين بدعوى أنهم كافرون لا يؤمنون بالله
المصلوب المقتول ( المخلص )
وهاهي الصهيو
صليبية الجديدة تقود حربا صليبية جديدة باسم المقدس معتمدة على قراءة خاطئة لنصوص
قديمة مثل ما
جاء في سفر اللآويين 25 / 29 – 46
[ وأما عبيدك وإماؤك الذين يكونون لك
فمن الشعوب الذين حولكم ، منهم تقتنون عبيداً وإماءً ، وأيضاً أبناء المستوطنين
لأبنائكم من بعدكم ميراث ملك ، تستعبدونهم
أبد الدهر ، وأما إخوتكم بنو إسرائيل فلا يتسلط على أخيه بعنف] .وفي سفر
التثنية 20-16 [حين تقترب من مدينة لكي
تحاربها استدعها إلى الصلح فإن أجابت وفتحت لك أبوابها فكل الشعب الموجود فيها
يكونوا لك للتسخير ويستعبد لك ] . [وأما من هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك
نصيباً فلا تستبق منهم نسمة ]ومعنى نسمة في الترجمة الإنجليزية للكتاب المقدس = أي
شيْ يتنفس [ لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك ، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له
شعباً أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض]
.
وفي
سفر التثنية إصحاح 23 [ للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا لكي يباركك
الرب إلهك ] . ويقرأ الإسرائيليون في أسفارهم أن الله أختصهم وحدهم بعبادته ، أما
بقية شعوب الأرض الأخرى فقد جعل لها الشمس والقمر وبقية جند السماء لتعبدها كما جاء في كتابهم المقدس ( في سفر التثنية
4:15 – 1) ، بل لقد وصل بهم التبجح والكفر
أنهم ادعو أن جدهم الأكبر يعقوب صارع ربه السماوي وتمكن منه ولم يتركه إلا بعد أن اغتصب
البركة منه كما جاء في كتابهم المقدس في
(سفر التكوين 32 :23 – 30 )
*
ويقول الجنرال موشي ديان : إذا كنا نملك التوراة وإذا كنا نعتبر أنفسنا شعب
التوراة فمن الواجب علينا أن نملك جميع الأراضي التوراتية ( ذكر ذلك في : جيروزاليم
بوست في عشرة أغسطس 1967م ) وذلك بناء على تفسير يهودي لنص توراتي يقول في سفر
التكوين 15/ 18 [ لنسلك أعطي هذه الأرض من
نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات ]
وفي
سفر العدد الفصل الحادي والثلاثون 7- 18 : يقال عن مآثر "بني إسرائيل" الذين
هزموا المدنيين [ فقاتلوا مدين كما أمر الرب موسى ، وقتلوا كل ذكر ، وسبى بنو
إسرائيل نساء مدين ، وجميع مدنهم مع مساكنهم وقصورهم أحرقوا بالنار ] .
وعندما
عادوا إلى موسى " فسخط موسى على وكلاء الجيش وقال لهم موسى هل استبقيتم الإناث
كلهن فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت مضاجعة رجل فاقتلوها ، وأما
إناث الأطفال اللاتي لم يعرفن مضاجعة الرجال فاستبقوهن لكم " 14 – 18 .
وتابع
يشوع خليفة موسى سياسة التطهير العرقي التي أمر بها رب الجيوش كما يأتي : [ وفتح
يشوع في ذلك اليوم مقيدة وضربها بحد السيف وأبسل ملكها وكل الأنفس التي فيها لم
يبق باقيا فصنع بملك مقيدة كما صنع بملك أريحا . ثم اجتاز يشوع وجميع إسرائيل معه
من مقيده إلى لبنة وحاربها ، فأسلمها الرب أيضاً إلى أيدي إسرائيل هي وملكها
فضربوها بحد السيف وقتلوا كل نفس فيها فلم يبقوا فيها باقياً وفعلوا بملكها كما
فعلوا بملك أريحا . واستمر حركة التقتيل والإبادة في الأمم المجاورة بشكل مستمر
حتى وصلوا من عجلون إلى صبرون وفعلوا فيها ما فعلوا في غيرها ] وأمام
هذه الأحاديث البشعة يطرح السؤال التالي: هل هذه النصوص صحيحة،أم محرفة ؟
وهنا
نري الأهمية العالمية لإجابات ( جارودي ) عن هذه الاعتقادات الباطلة لصالح أمة
الإسلام ، إذ يقول محاورا : لا بد لنا من الاستعانة بعلم الآثار لأن الحفائر قد برهنت على أن
الإسرائيليين الذين وصلوا في نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد لم يستطيعوا الاستيلاء
على أريحة لأنها كانت غير مأهولة في ذلك الوقت . فمدينة عصر البرونز الوسيط كانت
قد دمرت نحو 1550 ثم هجرت بعد ذلك وفي القرن الرابع عشر سكنت بصورة ضعيفة ، فقد
وجدت آنية من الفخار ترجع إلى ذلك العصر داخل مقابر العصر البرونزي الوسيط التي
استخدمت مرة أخرى ، ومنزل به إبريق صغير يرجع إلى منتصف القرن الرابع عشر . ولا
شيء هناك ينتسب إلى القرن الثالث عشر . ولا توجد أية آثار لحصون العصر البرونزي
الحديث . وكانت النتيجة التي توصلت إليها الآنسة ك . م كينون أنه من المستحيل ربط
تدمير أريحا بدخول الإسرائيليين في نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد .
(
المصدر : ك . م : كينون : الحفر في أريحا ، لندن ، 1957 ، الصفحات 256-265 ) .
وهكذا الحال بالنسبة للاستيلاء على مدينة لآي . فقد ، قامت
بعثتان بالحفر والتنقيب في الموقع ، وجاءت النتائج متطابقة ، وهو أنه لم تكن توجد
مدينة وقت قدوم الإسرائيليين ، ولم يكن هناك ملك لآي ، فقد كانت هناك أطلال تعود
إلى 1200 سنة [ المصدر : الأب دي فو : التاريخ القديم لإسرائيل ، باريس 1971 ،
المجلد 1 ص565]
وهذه
أحد الأدلة على بشرية هذه النصوص ، وأنها كتبت لأهداف معينة ، وألحقت لتكون جزأ من
الكتاب المقدس ، وهذا هو التحريف بعينه . وحتى لو فرضنا جدلا أن الله رب العالمين قد
أمر بقتل الكافرين أعداء الله ، الذين يقاتلون المؤمنين ، فهل يأمر الرب الرحيم بقتل
الأطفال الأبرياء ، والنساء الضعفاء ، والشيوخ والعجزة ، حتى لو كانوا ضمن معسكر
الكفار .بل هل يأمر رب العالمين بقتل من يعبدونه ويوحدونه من أمة الإسلام كما
يحدث باسم الكتاب المقدس في البوسنة وفلسطين وغيرها ، بل هل يأمر الرب بقتل من يصلى
له كما حدث من قتل للمصلين بالمسجد الأقصى وهم ساجدون لله .
وهذه
اللقطات تبين الإبادة العنصرية والأطماع الظالمة
، والأوهام التي لا أساس لها من الصحة - باسم الدين اعتمادا على نصوص
محرفة ، وكيف يقوم شياطين الساسة بتوظيفها لتحقيق أهداف خسيسة ظالمة يذهب فيها
كثير من البشر والشباب وقودا لها . وعلى ذلك يكون كشف هذا التحريف رحمة للبشرية
جميعا وحقنا لدماء كثير من الأبرياء والمغرر بهم من الجهلاء .
وعند اغتصاب فلسطين كانت كل تصرفاتهم تبعا لمفهومهم فيما جاء في نصوصهم المقدسة مثل:
في 9 أبريل 1948 , أباد مناحم بيجين ومعه وحدات أرجون العسكرية ، سكان قرية دير
ياسين البالغ عددهم 254 نسمه من الرجال والنساء والأطفال - المسلمين الموحدين الذين
يؤمنون بالله وبموسي وعيسي - . وكان ذلك
إقتفائا لسنة يشوع .وهو نفس ما تكرر في أوامر رابين
بتحطيم عظام ملقي الأحجار من أطفال الانتفاضة ، وما حدث في صبرا وشاتيلا على
يد السفاح شارون وقيادة الجنرال رفائيل إيتان ، وما حدث من الدكتور ( باروخ
جولدشتين ) الذي قتل أكثر من سبعة وعشرين فلسطينيا وجرح أكثر من خمسين ، وهم ساجدون
لله في الحرم الإبراهيمي . فماذا كان
رد المدارس التلمودية في إسرائيل ؟
كان
ردهم هو : تكريم السفاحين ، قتلة الأبرياء والأطفال ، وقتلة الساجدين لله الواحد
القهار
ولأن
هذه النصوص تنبع من كتاب مشترك ، فلا غرابة من أن نجد التأييد والدعم المستمر بين أصحاب
النصوص المشتركة تحركهم عناصر دينية متطرفة وقوى سياسية مغرضة ، وهذه أمثلة علي
ذلك : في معبد اليزابيث في نيوجرسي كان
حيمى كارتر مرتدياً ثوباً فضفاضاً من القطيفة الزرقاء ، وقال : " إنني أعبد
نفس الرب مثلكم ، ونحن المعماديين ندرس نفس التوراة مثلكم " . وختم يقول : إن
بقاء إسرائيل على قيد الحياة لا ينهض على السياسة ، ولكن واجب أخلاقي ( ديني )
" . [ المصدر : التايم ، 21 يونيو 1976 ] .
وفي
غزو إسرائيل للبنان - لفرض حكومة مسيحية متطرفة وما ترتب عليه من مذابح لا مثيل
لها في الخسة والإجرام - ساند المسيحيون الصهاينة
في الاعتداء الإسرائيلي وتسلم رئيسهم جيري فالون ، أعلى الأوسمة الصهيونية وهي
جائزة جابوتينسكي على ما أداه من خدمات لإسرائيل ، بالإضافة إلى 100 مليون دولار
من الدولة الإسرائيلية و : 14 مليون دولار من مؤسسة سواجيرت .[ المصدر : التايم ،
17 فبراير 1986 ]
ومنذ
عام 1948 قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل
28 مليار دولار كمساعدة اقتصادية وعسكرية .[ المصدر : مجلة التايم ، يونيو1994]
ملحوظة
: هذه المعلومات مستخلصة من الكتاب العالمي
زائع الصيت ( الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية ) لرجاء جارودي ، وكذلك كتاب (
إسرائيل حرفت الأناجيل واخترعت أسطورة السامية ) للواء أحمد عبد الوهاب مكتبة وهبة
ملحوظة هامة :
نفس هذه التفسير المتطرف لنصوص محرفة استخدمه قادة الحروب الصليبية في إدارة مذابح
رهيبة ضد المسلمين ومحاولة الاستيلاء علي أراضيهم ونهبها وكان ذلك سواء في الحروب
الصليبية الأولي أو الثانية .
ولقد
دبلجت هذه النصوص ولونت حتى يمكن توجيهها للانقضاض على محور الشر والمقصود به كل
أمة الإسلام بهدف إذلالها وتركيعها ونهب ثرواتها باسم المقدس .
وما يحدث من عمليات إرهابية ( كما
يسمونها ) لا علاقة لها بالدين العالمي الخالد ، ما هي إلا إفراز حضارتهم الظالمة
وسلوكهم العالمي المجرم الذي يقوده أصحاب المطامع وشياطين التكبر العالمي مما
يترتب عليه ردود أفعال المظلومين والمحبطين
ولقد
انتهز الشياطين فرصة انسلاخ أمة الإسلام عن هويتها الحقة مصدر وحدتها وتقدمها
ومجدها وقوتها في
حمى ربها القادر فراحوا يخططون وينفذون بدعوى أنهم ملاك الحق الإلهي الوحيد الخالد وأن كتابهم هو وحي السماء الوحيد
الذي يجب أن يقود - بنصوصه ومعتقد أصحابه -
الكون كله بلا منازع أو معارض ، وهذا ما نراه يوظف الآن وينذر بكارثة
عالمية لا يعلم مداها إلا الله بل لعل ما يحدث سيكون قريبا سببا في غضب العزيز
المهيمن المنتقم الجبار .
ولأجل
كل ذلك ورحمة بالأبرياء بل وبكل من في الأرض جميعا نقدم هذه الدراسة الهامة لعلها
تكون بداية لطريق النجاة للكون جميعا من خطر محقق ودمار شامل ولا حول ولا قوة إلا
بالله .
مقدمة هامة
إن الحروب الظالمة
باسم المقدس - والتي تعتمد على نصوص محرفة أو قراءة خاطئة لنصوص قديمة أو أفكار من
تلبيس إبليس – كارثة عالمية بكل معاني الكلمة فهي وسيلة من وسائل الشيطان لإخراج
المكلف من واحة الأمن والآمان في الدنيا وجنة الخلد في الآخرة ، وتحويل الأرض إلى
غابة من المظالم والظلمات .
ووحي الله للمكلفين لم ينزل ليقرر التكبر والعنصرية فى
مملكة الله ، ولم ينزل ليكون سببا فى الفرقة والصراعات بين الإنسان وأخيه الإنسان
، بل نزل هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الحق بإذنه وسراجا منيرا ، نزل ليقول لهم ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ويقول لهم ( ياأيها
الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند
الله أتقاكم ) ويقول رسوله الخاتم : ( كلكم لآدم وآدم من تراب ) (لا فضل لعربي على
أعجمي إلا بالتقوى ) أو نحواً من ذلك. هذا جوهر الدين الحق وهدف الوحي
للمكلفين وهو ما تحاول الشياطين أن تشوشر عليه فى عقول الذين لا يعلمون عن الدين
إلا الاسم ولا يعلمون عن الوحي إلا الرسم تحركهم الأهواء وترهبهم الطواغيت وما يعدهم
ويمنيهم الشيطان إلا غرورا .
وكم من ضحايا سقطت
ومظالم ارتكبت بسبب ذلك التلبيس الباطل ، فعلى العقل الراقي أن يتفكر ببصيرة ولا
يسير كالأعمى فيهلك .
فإذا كان الرب
واحد بلا شريك له صفات الكمال بلا حدود فإن دينه واحد يقول سبحانه ( إن الله يأمر بالعدل
والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ) والفحشاء والمنكر والبغي تلخص كل الأمراض الجسدية
والنفسية والاجتماعية التي تدمر الحضارة البشرية وتشيع الظلم والصراعات بين عبيد
الرب الواحد .
فهل نعبد الله
بالتكبر على عبيده في مملكته ؟ وهل نعبد
الله بقتل الساجدين له والتالين لوحيه الحق ؟
وهل نعبد الله بالسرقة واغتصاب مقدرات عبيده في أرضه ؟ وهل نعبد الله
بإشاعة الفسق والفجور والمعاصي وهل أعطى
الرب حق التأله بين خلقه لغيره ؟
وهل جعل الله للمكلفين رسالات متناقضة حتى
يتصارعوا ويقتل بعضهم بعضا ؟ بل هي رسالة
واحدة من رب واحد تتوحد بها البشرية علي الحق ، و قبلة واحدة يطوف حولها كل عبيده
من المكلفين قائلين لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك .
ولكي نصل إلي اليقين في صدق الرسالة وصدق الرسول ، وحتى
نتوصل إلي الرسالة
الوحيدة الباقية بلا بديل نحتاج إلي رحلة إلي اليقين
وهذا ما نعد به بأذن الله .
بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة اليقين ( أرحل من الأكوان إلى المكون )
هيا
بنا نتفكر ساعة قبل قيام الساعة لنصل إلى الحق واليقين والحق أحق أن يتبع .
إن
العقل المكلف عندما يفيق من العمل أو اللهو وينقطع عن العلائق قد يسمع عقله يتساءل
: لماذا نحن هنا ؟ ثم ماذا بعد ذلك ؟ ما الحكمة من وجودنا في الكون ؟ هل خلقنا لنعيش لحظات سرعان ما تنقضي فنلحق
بفناء لا عودة بعده ؟ وعندما تسمع النفس
الإجابة الشيطانية : إنما خلقت بالصدفة والعشوائية لتعيش لحظات قصيرة تهلك بعدها
بلا عودة فإن النفس تتوحش أو تكتئب .
* تتوحش
النفس عندما تعتقد أنها خلقت بالصدفة لتعيش لحظات قليلة تهلك بعدها بلا عودة ،
لأنها تحاول - فى هذه الفترة القصيرة -
بكل الوسائل إشباع شهواتها لأقصى حد ممكن .
* وتكتئب
النفس عندما تعتقد أنها خلقت بلا هدف أو غاية خلقت لتعيش لحظات لتهلك بلا عودة
، وتكتئب - عند الشدائد أو المظالم – لأنها لا توقن بالصمد القادر الرحمن الرحيم
الحكم العدل المهيمن .
*
أما النفس التي تعتقد بأنها خلقت لهدف غايته الكمال وأن من فوقها قادر مطلق القدرة
رحمن رحيم حكم عدل وأن هناك يوم للحساب يوم الخلود فإن تلك النفس لا تكتئب أبدا
ولا تتوحش أو تظلم ، بل نفس تعيش للأمل والحب والصفع والرحمة .
ولنصل
إلى حق اليقين فى ذلك الموضوع الجليل يجب علينا أن نقوم برحلة عقلية علمية راقية ،
وأدواتنا فى تلك الرحلة : عقل كوني مكلف وكون معقول ووحي صادق ، والعقل حق لا
ينكره إلا مجنون والكون من حولنا حقيقة لا ينكرها إلا مخبول والوحي الصادق قام
عليه ألف دليل .
وأول
ما سنتفكر فيه من بداية الرحلة ذلك العقل المكلف المزود ببرنامج متوافق مع برنامج
كون معقول توافقا لولاه ما أدرك ذلك العقل ذلك الكون وما تفكر فيه متدبرا ومكتشفا
ومسخرا ومستفيدا . فمن الذي برمج وقدر وهدى .
وهدف
هذه الرحلة : اليقين بأن لذلك الكون العظيم خالقا له صفات الكمال وأنه سبحانه لم
يخلق ذلك الكون عبثا أو باطلا بل خلقه لهدف غايته الكمال ، وأيضا من أهداف تلك
الرحلة : اليقين بأن الخالق العليم الحكيم أرسل رسله برسالات السماء هدى ورحمة
وتذكيرا ونذيرا لعباده المكلفين وأن هناك يوم للحساب يوم الخلود . فهيا بنا نسير
فى تلك الرحلة لنرحل من الأكوان إلى المكون :
أتوقن
يا أخي بأن لكل صنعة صانع حتى ولو كانت عود ثقاب أو دبوس بسيط ؟ ( نعم أوقن ) ،
أتوقن يا أخي بأن الصنعة إذا كان يتجلي فيها الدقة والعلم والحكمة والتقدير فإن
الصانع لابد وأن يكون عليما وحكيما وقديرا ؟ ( نعم ) فبماذا توقن عندما ترى كونا
من حولك غاية في العظمة والتقدير تتجلي فيه أعلى درجات الحكمة والعلم والدقة من
ذراته إلى مجراته ومن أرضه إلى سمائه ؟ ( أوقن بأن من فوقه خلاق له صفات الكمال )
.
هل تشك
يا أخي أن الصانع الماهر يتابع صنعته بإرسال الفنيين يحملون النصح والتوجيه والكتالوج
حتى تعصم صنعته من التلف وتسير على أكمل وجه يرتضيه الصانع ؟ ( لاأشك )
كيف
وخالق ذلك الكون العظيم ذو التقدير المحكم ؟
هل
توقن يا آخي بأن الصانع يهدف من وراء صنعته إلى هدف غايته الكمال ؟ ( نعم أوقن )
إذا لابد أن توقن بأن خالق ذلك الكون العظيم لم يخلقه عبثا أو باطلا بل خلقه لهدف
غايته الكمال.
فهل من
المعقول أن يترك الخالق العليم الحكيم المكلفين من عباده بلا توجيه أو رعاية ؟ وهل
من المعقول أن يسوى – سبحانه - بين
المؤمنين والكفار ، أو بين الصالحين الطيبين والمجرمين المفسدين ؟ إن الوحي حق وإن يوم الفصل حق .
* إذا
كانت غاية الأرض أن تمهد لك ، وغاية القمر أن ينير ويؤقت لك ، وغاية الشمس الجبارة
أن تمنحك الطاقة ولا تحرقك ، وغاية الرياح
والبحار والأنهار أن تحفظك وتخدمك ، وغاية العقل المكلف أن يجعلك تتفكر في كل ذلك
وتسأل : ما الهدف والغاية التي من أجلها خلقت وسخرت لي كل تلك الأشياء من
الذرات إلى النجوم والأقمار والطاقات والكائنات الحية ، ومنحت عقلا ًكونياً راقياً
مزوداً بقناة تبحث عن الحكمة ؟ فيسمع
القلب من لدن ( ألست بربكم حتى نزول الفرقان ) يسمع ( وما خلقت الجن والإنس إلا
ليعبدون ) فيتساءل القلب كيف نعبدك ربى عبادة ترضى بها عنا فيسمع القلب ( اتبع ما
يوحى )
والوحي
الحق أرسله العليم ليصاحب القلب ( العقل المكلف ) - سريع التقلب - فى رحلة التكليف يهديه إذا ضل ويقومه إذا اعوج
ويشفيه إذا مرض ، بشيراً ونذيراً .
ولقد شاءت إرادة
العليم الحكيم أن تتنزل رسالاته على مراحل وفقاً لمراحل أطوار البشرية ، كما أن
الطفل المولود حديثا يناسبه لبن الأم الخفيف المتوافق مع سنه حتى إذا بلغ أشده احتاج إلى غذاء أكثر ثراء وتركيزاً
ينسخ ما سبقه .
وهكذا
جاءت الرسالات متتالية حتى انتهت برسالة- دين كمال البشرية العالمي الخالد-
الإسلام نسخ به ما سبقه ، وليس النسخ باللاحق معناه العيب والقصور فى السابق فالكل
حق من الحق ، والوحي الأخير فيه كل ما سبقه من الحق وزيادة .
وقد
يقف العقل حيران أمام ظاهرة يعيشها فى هذا الزمان ، إنها ظاهرة وجود كتب متعددة
بينها اختلاف يجر إلى صراع وخلاف ، يدعي صاحب كل كتاب أن كتابه هو وحي السماء
الوحيد الخالد المحفوظ ، فأين الحق من بين ما هو متاح ؟
التوراة
حق والإنجيل حق وكل ما نزل من عند الله حق ، وليس من المعقول أن يجعل الله -
العليم الحكيم الرحمن الرحيم- رسالات متعددة ومختلفة فى فترة زمنية واحدة تدفع
عباده للتخاصم والتفرق بل للتصارع ، ولكن الحق هو أن يبقى حق وحيد فى أي فترة زمنية يشكل قبلة يتوحد
عليها عباده فلا يضلوا ولا يتصارعوا .
فأين الحق المحفوظ فيما هو متاح ؟
ولكي نصل إلى اليقين فى التعرف
على كلام الله الخالد المحفوظ ، يجب أن نعلم خصائص كلام الله ووحيه للمكلفين كما
يأتي :
خصائص
كلام الله ووحيه للمكلفين
1- روح كلام الله مخالفة لروح كلام
البشر يحس المستمع إليه أنه يأتى من أعلى محاط بالجلال والجمال يأسر العقل ويهز
الوجدان .
2-
كلام الله معجز بكل المقاييس ، وخال تماماً من الاختلاف والتحريف والكلام
الفاحش .
3-
كلام الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي
.
4-
كلام الله ينزه الله مما لا يليق بكماله وينزه رسل الله مما لا يليق بحملة رسالاته
5-
كلام الله يحتوى على برنامج عقلي يأخذ بالعقل المكلف على مدارج السالكين في عالم
الشهود حتى إذا وصل إلى منتهاه أطل إلى عالم الغيب وكأنه يراه ، فيؤمن بالله ورسله
وكتبه واليوم الآخر .
6-
كلام الله العالمي الخالد يحتوى على منهاج عالمي يحقق العدل والتوازن بين الإنسان
ونفسه والإنسان وأخيه الإنسان والإنسان والكون من حوله .
7-
كلام الله يكون صادقاً فى إخباره عن الغيب ( يشمل الغيب العلمي والغيب التاريخي )
8-
كلام الله يصف الكون فى أدق تفاصيله من البداية إلى النهاية ويشير إلى حقائق علمية من الذرة إلى المجرة ،
ومن النطفة إلى العقل البشري تتطابق مع الحقائق العلمية المكتشفة بأدق وسائل التقنية الحديثة .
فإذا
لم تنطبق هذه الخصائص على كتاب قيد الفحص فإني أحكم عليه بأنه مزيف ، وإذا
انطبق بعضها ولم ينطبق البعض الآخر فإني أحكم عليه بأنه محرف مشكوك فيه ،
وإن انطبقت كل هذه الشروط على كتاب فإني أوقن بأنه كلام الله الخالد
الباقي المحفوظ ليدين به المكلفون فيقودهم إلى الهدى ودين الحق .
وكل
البحوث الدقيقة بينت أن تلك الشروط لا تنطبق إلا علي كتاب وحيد من بين الكتب
المتاحة للفحص ، ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه هو القرآن الكريم .
وحتى تكون الدراسة
علمية ومنطقية بعيدة عن التعصب والعصبية سنستخرج من الكتب المتاحة المعاني
المتقاربة والتي يمكن أن تشكل العامل المشترك الذي يمكن أن نتفق عليه- وتشكل
الإسناد الذي يمكن ان نتحاكم عليه لمعرفة الوحي الحق المحفوظ - مثل تنزيه الله مما لا يليق بكماله سبحانه ،
وتنزيه رسل الله مما لا يليق بحملة رسالات
السماء ، ودستور الوحي الذي يأمر بالعدل والإحسان وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي
، ثم ندلف إلي
القضايا الخلافية الخطرة والتي يستخدمها الشياطين فى تحقيق أغراضهم الخسيسة وفى
تأجيج حروب ظالمة وغير مبرره بين عباد الله المكلفين ، ثم نناقش تلك القضايا الخطرة بحياد ومنطقية
بعيدا عن التعصب الأعمى والعصبية البغيضة حتى نصل إلى الحق والحق أحق أن يتبع .
والله غالب على أمره .
@ أولا : هناك
اتفاق بين نصوص القرآن الكريم المنزهة لله مما لا يليق بكماله والنصوص التي مازالت
تحمل روح الوحي في كتب النصارى واليهود ( العهد القديم والجديد ) وهذه أمثلة بذلك
:
النصوص المتوافقة في الكتب
المقدسة المتاحة والتي يمكن إن تشكل الإسناد المشترك بينها
إن القارئ المدقق لكتب التوراة والإناجيل المتاحة يمكنه أن يستخلص
منها فقرات تتقارب مع القرآن بما فيها من تنزيه الله كما يأتي :
القرآن
الكريم
|
النسخ
الحالية من الكتب السابقة
|
في سورة الأعراف 143
:
( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه
قال رب أرني أنظر إليك ، قال لن تراني
) .
وفى سورة الشورى 51
:
( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا
وحيا أو من وراء حجاب )
وفى سورة الأنعام 103
:
( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار
وهو اللطيف الخبيـر )
وفي سورة الإخلاص :
( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد
ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )
وفي سورة الشورى 11
:
( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )
|
جاء
في سفر الخروج 33 ( لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان
لا يراني ويعيش )
وهذا رد الله سبحانه على موسى عندما طلب
أن يراه عيانا .
وفى
سفر التثنية إصحاح (4) 13-15 [
فاحتفظوا جدا لأنفسكم فإنكم لم تروا صورة ما يوم كلمكم 00 ] . وفى أنجيل يوحنا 18
الإصحاح الأول : [ الله لم يره أحد قط ] .
وفى
رسالة بولس الأول إصحاح (6 ) [ ملك الملوك ورب
الأرباب الذي وحده له عدم الموت ساكنا في نور لا يدنى منه الذي لم يره أحد من
الناس ولن يقدر أن يراه ، الذي له الكرامة والقدرة الأبدية ] .
وقد جاء في شرحها في كتاب تفسير سفر
الخروج للأرشيدياكون نجيب جرجس صفحة 372 سنة 1983 ما يأتي :
"لا يمكنك أن ترى لاهوت ولا جوهر
ولا شخص الله ، لأن الإنسان بطبيعته البشرية الراهنة وهو في جسده الترابي على
الأرض محاط بالضعف والنقص والخطية
|
هذا
كلام جميل يعبر عن روح الوحي الصحيح ويتطابق مع ما جاء في القرآن .
إذن
لقد اتفقت نصوص الوحي الصادقة علي تنزيه الخالق سبحانه مما لا يليق بكماله من صفات
النقص المتجسدة في المخلوقين من الحوادث مثل التكامل في أجزاء أو أبعاض أو عناصر ،
وأيضا فإن كل ما نشاهد ونلمس أو نحس كينونات محدودة الجرم مسبوقة بالعدم ومتبوعة
بالفناء ، إنها مقيدة بحدود فقيرة في ذاتها هالكة في حالها وحاشا لله أن يوصف بتلك
الصفات . وأي كتاب لا
يصف الله بصفات الكمال وينسب له ما لا يليق بكماله لا يمكن أن يكون كلام الله .
تنزيه
الرسل .
إن قضية الرسل هي القضية الثانية بعد
قضية الألوهية ، لأن الرسل حملة رسالات السماء وهم اختيار الله بعلمه وحكمته ، وهم
تشخيص للكمال البشري ليكونوا قدوة للناس جميعا .
ومن
البديهي أن تكون هذه الرسل نماذج قيمة فاضلة كريمة لأنهم اختيار الله وحملة الوحي ومعلمو
البشرية . فأي كتاب ينسب إلي الرسل
الفواحش المخلة وكبائر الإثم والفسوق والعصيان لا يمكن أن يكون من عند الله .
القرآن
الكريم
|
النصوص
الحالية من الكتب السابقة
|
وفى
سورة ص 17 : 20
)اصبر
على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب * إنا سخرنا الجبال معه يسبحن
بالعشي والإشراق * والطير محشورة كل له أواب * وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ( .
وفي سورة
الأنعام( ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود
وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين *(84) وزكريا ويحي وعيسى
وإلياس كل من الصالحين (85) وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا على
العالمين (86) ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم(87) ذلك هدى الله يهدي به من
يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون )
سورة
الأنبياء ( ولوطاً آتيناه حكماً وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل
الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين (74) وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين
(75)
وفى
سورة ص 17 : 20
|
جاء فى ذكر النبي داود فى بعض فقرات
الكتاب المقدس لليهود والنصارى ما يأتي :
فى سفر صموئيل الثاني إصحاح (22) يقول
الله لداود : ( أن يكن بنوك طرقهم يحفظون حتى يسيروا في شريعتي كما سرت أنت
أمامي ) وفى سفر الملوك الأول يقول
الله ليربعام بن ناباط عن سليمان : [
000 ولا اخذ المملكة من يده من أجل داود عبدي الذي اخترته ، الذي حفظ وصاياي
وفرائضي ، فإذا سمعت لكل ما أوصيت به وسلكت فى طريقي وفعلت ما هو مستقيم فى عيني
وحفظت فرائضي ووصاياي ، كما فعل داود عبدي ، أكون معك وأبني لك بها بيتا آمنا
كما بنيت لداود وأعطيك إسرائيل ]
هكذا يشير الكتاب المقدس لهم وعلى
لسان رب العالمين يشير إلى نقاء سريرة النبي داود ويصفه بصفات تليق به كنبي من
عند رب العالمين وهو تماما ما أشار إليه القرآن الكريم فى وصف داود وكل أنبياء
الله كما يأتي :
|
في
هذه النصوص تقارب مع ما جاء في القرآن من تنزيه رسل الله مما لا يليق بحملة رسالات
الله .
نصوص الكتب السابقة للقرآن التي مازالت تحمل روح الوحي تصدق القرآن
وتؤكد أن المسيح لم يدع أنه الله بل أكد أنه رسول من عند الله كما جاء فى
القرآن كما يأتي :
القرآن
الكريم
|
النصوص
الحالية من الكتب السابقة
|
(( وقال المسيح يا بني
إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة
ومأواه النار ))المائدة آية 72
ومعنى ذلك أن المسيح لم يقل إنه إله
يعبد بل قال لهم أن المعبود الحق هو الله الذي لا إله غيره ولا شريك غيره . ولقد
صدق القرآن في إخباره ولقد
تطابق ذلك مع ما جاء في القرآن في سورة المائدة ( وإذ قال الله يا عيسي ابن مريم
ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلاهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول
ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك
أنت علام الغيوب ( 116 ) ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم
وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت علي كل
شيء شهيد ( 117 ) هذا تماما ما جاء في القرآن مصدقا لما جاء في صحيح النصوص السابقة له
.
|
، فلقد جاء
في إنجيل مرقس [ 12 : 28 – 29 ] – أن يسوع المسيح أجاب عندما سأله واحد من
الكتبة عن أهم الوصايا قائلاً : ( اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد )
بمعنى لا إله إلا الله ، وفي إنجيل لوقا : [
18: 18 –19 ] عندما سأل أحدهم عيسى – عليه السلام – قائلاً له : أيها المعلم
الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية ، فقال له عيسى : ( أتدعونني صالحاً ليس
أحد صالحاً إلا واحد هو الله ) بمعنى وحده لا شريك له ، وقال عيسى عليه السلام في إنجيل يوحنا (17:3 ) ( وهذه هي
الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته )
بمعنى لا إله إلا الله والمسيح رسول الله ، وفي يوحنا (17:20 – 1) يقول
المسيح لمريم المجدلية : قولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ويقول في يوحنا (44:17 )
( الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي
أرسلني )
|
يقول عيسي عليه
السلام في القرآن : وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي ألموتي بأذن الله ( آل عمران 48-49)
وانجيل يوحنا يذكر
قول عيسي عليه السلام : أنا لا أقدر أن افعل شيء من نفسي ( ص 5 ف 30 )
وهناك من النصوص فى الكتب السابقة تحض على
المحبة والتعاون والصدق وحفظ المال والنفس والعرض وعبادة الله ومكارم الأخلاق وتلك
النصوص تتقارب مع القرآن الكريم ، ومع هدف الوحي .
القرآن
الكريم
|
النصوص
الحالية من الكتب السابقة
|
* سورة
النحل 11 (ينبت لكم
به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون
)
* النحل
14 ( وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طرياً وتستخرجوا منه حلية
تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون )
* النحل
79 ( ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن
إلا الله إن في ذلك لأيات لقوم يؤمنون )
* المائدة
2 وَلاَ يَجْرِمَنّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدّوكُمْ عَنِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ
عَلَى الْبرّ وَالتّقْوَىَ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
وَاتّقُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ
* الحجرات
11يَأَيّهَا الّذِينَ
آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ عَسَىَ أَن يَكُونُواْ خَيْراً
مّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مّن نّسَآءٍ عَسَىَ أَن يَكُنّ خَيْراً مّنْهُنّ وَلاَ
تَلْمِزُوَاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ
الْفُسُوقُ بَعْدَ الإَيمَانِ وَمَن لّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ
الظّالِمُونَ
|
* المزمور
104 / 14 لقد أنبت
العشب للماشية والنباتات التى تطعم الإنسان الذي يستخرج الخبز من الأرض
* المزمور
104 / 25 – 26 هاهو البحر الكبير الواسع من كل الجهات يسبح فيه عدد لا حصر له من
الحيوانات الصغيرة والكبيرة . وفيه تذهب
السفن وتجئ وخلقت التمساح يلعب
* المزمور
104 / 12 تتهادى طيور السماء بجوار منابع المياه وتغنى بين أغصان الشجر
* في خروج 23 : 3 لا تتبع الكثيرين إلى فعل الشر
التوراة : ساعد غيرك
* متى
6 متى 7 : 1-3 لا تدينوا 00 ولماذا تنظر
إلى القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة
التي في عينك فلا تفطن لها
-
|
كلمات جميلة التقت فيها نصوص الوحي وهدف الوحي للمكلفين
، وأمثلة أخري :
@ في
القرآن الكريم : لن
تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم (92) ( آل
عمران )
*
وفي العهد القديم : أليس البر أن تكسر للجائع خبزك وأن تدخل
المساكين التائهين إلى بيتك وإذا رأيت عريان أن تكسوه وأنزل … )
@ وفي القرآن الكريم : إن الذين كذبوا أياءتنا
واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم
الخياط وكذلك نجزي المجرمين (40) ( الأعراف )
*وفي
متي : الحق أقول لكم إنه يعسر أن يدخل عني إلي ملكوت
السماوات وأقول لكم أيضا إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلي ملكوت
الله . ( متى 19 ، 20 )
@ وفي
القرآن الكريم : ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا
سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون (29 ) ( الزمر ) .
*
وفي الإنجيل : لا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأنه إما أن يبغض
الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر . لا تقدرون أن تخدموا الله
والمال.
@ وفي القرآن الكريم : ولا تكتموا
الشهادة ومن يكتمها فإنه ءاثم قلبه والله بما تعملون عليم (283 ) ( البقرة )
*
وفي سفر الاويين : وإذا
أخطأ أحد وسمع صوت حلف وهو شاهد يبصر أو يعرف فإن لم يخبر به حل ذنبه . ( لاويين :
إصحاح : 5 آية : 1 )
@ وفي القرآن الكريم : هو الأول
والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم (3) ( الحديد)
*
وفي اشعياء : هكذا يقول رب الجنود أنا الأول وأنا والآخر ولا
إله غيري ( إشعياء 44 آية : 6
@
وفي القرآن الكريم : قل أغير الله أبغي رباً وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها
ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ( 164 ) الأنعام
*
وفي سفر الملوك : ولكنه لم يقتل أبناء
القاتلين حسب ما هو مكتوب في سفر شريعة موسى
حيث أمر الرب قائلا لا يقتل الآباء من أجل البنين والبنون لا يقتلون من أجل
الآباء إنما كل إنسان يقتل بخطيئته . ( الملوك الثاني 14 آية : 6 – 8 )
@ وفي القرآن الكريم : إنما حرم
عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد
فإن الله غفور رحيم ( 115 ) ( النحل )
*
وفي العهد القديم : ميتة أو فريسة لا تأكل فتتنجس بها أنا الرب
فيحفظون شعائري لكي لا يحملوا لأجلها خطية يموتون بها لأنهم يدنسونها أنا الرب
مقدسهم
* الخنزير نجس (
لاوبين : إصحاح 22 آية 8 : 10 )
@ قل صلي الله عليه وسلم : طوبي لمن شغله عيبه عن عيوب الناس
* وفي
متي : ولماذا تنظر القذى
الذي في عين أخيك ، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ( 30 – 35 )
@ في القرآن لكريم : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا
يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم
أضل أولئك هم الغافلون [الأعراف : 179]
*
وفي متي : لأن قلب هذا الشعب قد غلظ ، وآذانهم قد ثقل
سمعها ، وغمضوا عيونهم لئلايبصروا بعيونهم ويسمعوا بأذانهم ويفهموا بقلوبهم
ويرجعون فأشفيهم ) ص 13 – 15
َ@ وفي القرآن الكريم :
إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي
وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ
أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ
مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ
الْغُيُوبِ [المائدة : 116] مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ
اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ
فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة : 117]
* ويقول
عيسي عليه السلام في إنجيل يوحنا (17:3 ) ( وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك
أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ) بمعنى لا إله إلا الله
والمسيح رسول الله ، وفي يوحنا (17:20 – 1) يقول المسيح لمريم المجدلية : قولي
لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم
ويقول في يوحنا (44:17 )( الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني )
# وفي
هذه النصوص التي مازالت تحمل منهاج الوحي وروحه نجد البشارات بخاتم المرسلين
يصيح المسيح عليه السلام فى إنجيل متى
إصحاح 15 فقرة 24 :
[ لم أرسل إلا إلى
خراف بني إسرائيل الضالة ] إشارة إلى أنها رسالة محلية وخاصة
وهذه بعض لإشارات المقتبسة
من كتاب ( حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين ) للمجلس الأعلى للشئون
الإسلامية بمصر
أولاً: البشارات فى التوراة
تعددت البشارات برسول الإسلام في التوراة وملحقاتها ،
ولكن اليهود أزالوا عنها كل معنى صريح ، وصيروها نصوصاً احتمالية تسمح لهم بصرفها
عنه صلى الله عليه وسلم ومع هذا فقد بقيت بعد تعديلها وتحريفها قوية الدلالة على
معناها " الأصلي " من حملها على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم لأن
حملها على غيره متعذر أو متعسر أو محال.
ونعرض - فيما يلي - بعضاً منها : * " وهذه هي
البركة التي بارك بها موسى رجل الله بنى إسرائيل قبل موته ". فقال: " جاء الرب من سيناء ، وأشرق لهم من
ساعير ، وتلألأ من جبل فاران " العهد القديم (2). فى هذا النص إشارة إلى ثلاث
نبوات:
الأولى: نبوة موسى عليه السلام التي تلقاها على جبل سيناء.
الثانية: نبوة عيسى عليه السلام وساعير هي قرية مجاورة لبيت
المقدس ، حيث تلقى عيسى عليه السلام أمر رسالته.
الثالثة: نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وجبل فاران هو المكان الذي
تلقى فيه - عليه الصلاة والسلام - أول ما نزل عليه من الوحي ، وفاران هي مكة المكرمة
مولد ومنشأ ومبعث محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذه العبارة -
مرة أخرى - تضمنت خبراً وبشارتين: فالخبر
هو تذكير موسى بفضل الله عليه حيث أرسله إليهم رسولاً.
والبشارتان : الأولى:
خاصة بعيسى عليه السلام. والثانية خاصة بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وموقف اليهود منهما النفي: فلا الأولى بشارة بعيسى ابن
مريم ولا الثانية بشارة برسول الإسلام.
أما موقف
النصارى فإن النفى - عندهم - خاص ببشارة رسول الإسلام. ولهم فى ذلك مغالطات عجيبة
، حيث قالوا إن " فاران " هي " إيلات " وليست مكة. وأجمع على
هذا الباطل واضعي كتاب: قاموس الكتاب المقدس. وهدفهم منه واضح إذ لو سَلَّمُوا بأن
" فاران " هي مكة المكرمة ، للزمهم إما التصديق برسالة رسول الإسلام ،
وهذا عندهم قطع الرقاب أسهل عليهم من الإذعان له.. ؟! ، أو يلزمهم مخالفة كتابهم
المقدس ، ولم يقتصر ورود ذكر " فاران " على هذا الموضع من كتب العهد
القديم ، فقد ورد في قصة إسماعيل عليه السلام مع أمه هاجر حيث تقول التوراة: إن
إبراهيم عليه السلام استجاب لسارة بعد ولادة هاجر ابنها إسماعيل وطردها هي وابنها
فنزلت وسكنت في " برية فاران " (3). على أنه يلزم من دعوى واضعي قاموس
الكتاب المقدس من تفسيرهم فاران بإيلات أن الكذب باعترافهم وارد في التوراة. لأنه
لم يبعث نبي من " إيلات " حتى تكون البشارة صادقة. ومستحيل أن يكون هو
عيسى عليه السلام ؛ لأن العبارة تتحدث عن بدء الرسالات وعيسى تلقى الإنجيل بساعير
وليس بإيلات.
فليست " فاران " إلا
" مكة المكرمة " وباعتراف الكثير منهم ، وجبل فاران هو جبل " النور
" الذي به غار حراء ، الذي تلقى فيه رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم بدء الوحي.
وهجرة إسماعيل وأمه هاجر إلى مكة المكرمة " فاران " أشهر من
الشمس.
وترتيب الأحداث الثلاثة في العبارة المذكورة: جاء من سيناء وأشرق من ساعير وتلألأ من فاران. هذا الترتيب الزمني
دليل ثالث على أن " تلألأ من جبل فاران " تبشير قطعي برسول الإسلام صلى
الله عليه وسلم.
وفى بعض
" النسخ " كانت العبارة: " واستعلن من جبل فاران " بدل "
تلألأ ".
وأيًا كان
اللفظ فإن " تلألأ " و " استعلن " أقوى دلالة من " جاء
" و " أشرق " وقوة الدلالة هنا ترجع إلى " المدلولات "
الثلاثة. فالإشراق جزء من مفهوم " المجىء " وهكذا كانت رسالة عيسى
بالنسبة لرسالة موسى (عليهما السلام).
أما تلألأ
واستعلن فهذا هو واقع الإسلام ، رسولا ورسالة وأمة ، إلى أن يرث الله الأرض ومن
عليها.
هذه المغالطة
(فاران هى إيلات) لها مثيل حيث تزعم التوراة أن هاجر أم إسماعيل عندما أجهدها
العطش هى وابنها إسماعيل بعد أن طردا من وجه " سارة " طلبت الماء فلم
تجده إلا بعد أن لقيا ملاك " الرب " فى المكان المعروف الآن " ببئر
سبع " ؟! وأنها سميت بذلك لذلك..؟! وكما كذبت فاران دعوى " إيلات "
كذَّبت " زمزم الطهور " دعوى " بئر سبع " ؟ وستظل فاران - مكة المكرمة - وزمزم الطهور
" عملاقين " تتحطم على صخورهما كل مزاعم الحقد والهوى.
ويجيء نص آخر في التوراة لا محمل له إلا البشارة برسول الإسلام صلى الله
عليه وسلم مهما غالط المغالطون. وهو قول الله لموسى حسب ما تروى التوراة:
" أقيم لهم نبيًا من وسط
إخوتهم مثلك ، وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ، ويكون أن الإنسان الذي
لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به بأسمى أنا أطالبه " (4).
حدث هذا حسب روايات التوراة وعداً من الله لموسى في آخر عهده بالرسالة ،
وكان يهمه أمر بنى إسرائيل من بعده ، فأعلمه الله - حسب هذه الرواية التوراتية -
أنه سيبعث فيهم رسولا مثل ـ موسى عليه السلام.
ولقوة دلالة النص على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فقد وقف أهل الكتابين
- اليهود والنصارى - موقفين مختلفين هدفهما واحد ، وهو أن النص ليس بشارة برسول
الإسلام.
* أما اليهود فلهم فيه رأيان:
الأول: أن العبارة نفسها ليست خبراً بل هي نفى ، ويقدرون قبل الفعل "
أقيم " همزة استفهام يكون الاستفهام معها " إنكاريًا " وتقدير النص
عندهم هكذا " أأقيم لهم نبيًا من وسط إخوتهم مثلك..؟!
بطلان هذا الرأي: وهذا الرأي باطل
ولن نذهب في بيان بطلانه إلى أكثر من كلام التوراة نفسها. وذلك ؛ لأنه لو كان النص
كما ذكروا بهمزة استفهام إنكاري محذوفة هي في قوة المذكور لكان الكلام نفياً
فعلاً.. ولو كان الكلام نفياً لما صح أن يعطف عليه قوله بعد ذلك:
" ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به بأسمى أنا
أطالبه " ؟! فهذا المقطع إثبات قطعاً فهو مرتب على إقامة النبي الذي وعد به
المقطع الذي قبله. فدل هذا " العطف " على أن المقطع السابق وعد خبري
ثابت لا نفى. ويترتب على ذلك بطلان القول الذاهب إلى تقدير الاستفهام..؟!
الثاني: وقد أحس اليهود ببطلان القول بالاستفهام فاحتاطوا للأمر وقالوا لا
مانع أن يكون النص خبراً ووعداً مثبتاً ، ولكنه ليس المقصود به عيسى ابن مريم ـ
عليه السلام ـ ولا محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، بل المراد
به نبي من أنبياء إسرائيل يوشع بن نون فتى موسى ، أو صموئيل..؟!
* موقف
النصارى: أما
النصارى فيحملون البشارة في النص على عيسى عليه السلام ، وينفون أن يكون المراد
بها رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، وقد علمنا قبلا أن اليهود ينفون أن تكون
لعيسى ـ عليه السلام.
ولو ذهبنا الي رأي النصاري الذي يشير الي ان النبي - المبشر به في كتبهم -
المقصود به المسيح عيسي ابن مريم ، فأن
ذلك يهدم معتقدهم من جذوره باعترافهم ان المسيح نبي مرسل من عند الله وليس هو الله
المتجسد كما يعتقدون .
وللنصارى مغالطات عجيبة في ذلك إذ يقولون إن النبي الموعود به ليس من بنى
إسماعيل بل من بنى إسرائيل. ومحمد إسماعيلى فكيف يرسل الله إلى بنى إسرائيل رجلاً
ليس منهم.؟! كما قالوا إن موسى أتى بمعجزات ومحمد لم يأت بمعجزات فكيف يكون مثله.
وقد رددنا على هذه الفرية فيما تقدم.
الحق الذي لا جدال فيه: والواقع
أن كل ما ذهب إليه اليهود والنصارى باطل. باطل. ولن نذهب في بيان بطلانه إلى أبعد
من دلالة النص المتنازع عليه نفسه. أما الحق الذي لا جدال فيه فإن هذا النص ليس له
محمل مقبول إلا البشارة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وإليكم البيان: إن النص
المتنازع عليه يقيد البشارة بالنبى الموعود به فيه بشرطين: أحدهم: أنه من وسط إخوة بنى إسرائيل.
وثانيهم: أنه مثل موسى عليه السلام صاحب شريعة وجهاد لأعداء الله وهذان
الشرطان لا وجود لهما لا في يوشع بن نون ، ولا في صموئيل كما يدعى اليهود في أحد
قوليهم.
ولا في عيسى عليه السلام كما يدعى النصارى.
أما انتفاء الشرط الأول فلأن يوشع وصموئيل وعيسى من بنى إسرائيل وليسوا من
وسط إخوة بنى إسرائيل. ولو كان المراد واحداً منهم لقال في الوعد: أقيم لهم نبيًا
منهم.. ؟! هذا هو منهج الوحي في مثل هذه الأمور كما قال في شأن النبي صلى الله
عليه وسلم:
(هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم... ) (5). وكما جاء على لسان إبراهيم
وإسماعيل (عليهما السلام) (ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم... ) (6).
وأما انتفاء الشرط الثاني ، فلأن: لا صموئيل ولا يوشع ولا عيسى ابن مريم
كانوا مثل " موسى " عليه السلام.
فموسى كان صاحب شريعة ، ويوشع وصموئيل وعيسى وجميع الرسل الذين جاءوا بعد
موسى عليه السلام من بنى إسرائيل لم يكن واحداً منهم صاحب شريعة ، وإنما كانوا على
شريعة ـ موسىعليه السلام ـ . وحتى عيسى ما جاء بشريعة ولكن جاء متمماً ومعدلاً
فشريعة موسى هي الأصل. إن عيسى كان مذكراً لبنى إسرائيل ومجدداً الدعوة إلى الله
على هدى من شريعة موسى عليه السلام !! فالمثلية بين هؤلاء - وهى أحد شرطي البشارة
- وبين موسى عليه السلام لا وجود لها. ؟!
الشرطان متحققان في رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم : وبنفس القوة والوضوح اللذين انتفى الشرطان بهما
عمن ذكروا من الأنبياء ثبت ذلك الشرطان لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: فهو من نسل إسماعيل ، وإسماعيل أخو إسحق ، الذي
هو أبو يعقوب المسمى إسرائيل. فهو من وسط إخوة بنى إسرائيل - بنو عمومتهم - وليس
من إسرائيل نفسها. وبهذا تحقق الشرط الأول من شرطي البشارة:
ومحمد - عليه الصلاة والسلام - صاحب شريعة جليلة الشأن لها سلطانها الخاص
بها - جمعت فأوعت - مثلما كان موسى – أكبر قلاعها فوق الأرض وتحت الأرض ومنها أنه
ما من عاصمة من عواصم العالم إلا دخلت في محنة من أهلها أو من غير أهلها إلا هذه
" العاصمة المقدسة " فظلت بمأمن من غارات الغائرين وكيد الكائدين ،
ومثلها المدينة المنورة. ومنها كثرة الثروات التي مَنَّ الله بها عليها.
أليس البترول من ثروات البحر العظمى التي تفجرت أرض الحجاز وشبه الجزيرة منه
عيوناً دفاقة بمعدل لم تصل إليه أمة من الأمم. أضف إلى ذلك سبائك الذهب والفضة.
والحديث عن مكة المكرمة حديث عن رسول الإسلام ؛ لأن مجدها لم يأت إلا على يدي
بعثته صلى الله عليه وسلم.
هذه الحقائق لا تقبل الجدل. ومع هذا فإن أهل الكتاب (وخاصة اليهود) يحملون
هذه الأوصاف على مدينة " صهيون " ولهذا فإنهم عمدوا إلى النص وعدلوه
ليصلح لهذا الزعم. ولكننا نضع الأمر بين يدي
المنصفين من كل ملة. أهذه الأوصاف يمكن أن تطلق على مدينة " صهيون ".
لقد خرب " بيت الرب " في القدس مراراً وتعرض لأعمال شنيعة على
كل العصور. أما الكعبة الشريفة والمسجد الحرام فلم يصل أحد إليهم بسوء ، ثم أين
ثروات البحر والبر التي تجبى إلى تلك المدينة وأهلها (إلى الآن) يعيشون عالة على
صدقات الأمم.
وأين هي المواكب التي تأتى إليها براً وبحراً وجَـوًا ، وهل أبوابها
مفتوحة ليلاً ونهاراً ، وأين هم بنوها الذين اجتمعوا حولها.
وما صلة غنم قيدار وكباش مدين بها. وأين هو التسبيح الذي يشق عنان السماء
منها.. وأين.. وأين..؟ إن هذه المغالطات لا تثبت أمام قوة الحق ، ونحن يكفينا أن
نقيم هذه الأدلة من كتبهم على صدق الدعوى ، ولا يهمنا أن يذعن القوم لما نقول
فحسبك من خصمك أن تثبت باطل ما يدعيه أمام الحق الذي تدافع عنه.
والفاصل بيننا ـ في النهاية ـ هو الله الذي لا يُبدل القول لديه.
وتنسب التوراة إلى نبي يدعى " حبقوق " من أنبياء العهد القديم ،
وله سفر صغير قوامه ثلاثة إصحاحات. تنسب إليه التوراة نصوصاً كان يصلى بها. تضمنها
الإصحاح الثالث من سفره. وهذا الإصحاح يكاد يكون كله بشارة برسول الإسلام صلى الله
عليه وسلم. وإليكم مقاطع منه: " الله جاء من تيمان ، والقدوس من جبل فاران ـ
سلاه ـ جلاله غطى السماوات. والأرض امتلأت من تسبيحه وكان لمعان كالنور له من يديه
شعاع ، وهناك استتار قدرته.
قدامه ذهب الوبأ. وعند رجليه خرجت الحمى. وقف وقاس الأرض ، نظر فرجف الأمم
ودكت الجبال الدهرية ، وخسفت آكام القوم.
مسالك الأزل له يسخط دست الأمم ، خرجت لخلاص شعبك سحقت رأس بيت الشرير معرياً الأساس حتى العنق
سلكت البحر بخيلك..(12). دلالات هذه الإشارات: لا
يستطيع عاقل عالم بتاريخ الرسالات ومعاني التراكيب أن يصرف هذه النصوص على غير
البشارة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. فالجهتان المذكورتان
في مطلع هذا المقطع وهما: تيمان: يعنى اليمن ، وجبل فاران: يعنى جبل النور
الذى بمكة المكرمة التي هي فاران. هاتان الجهتان عربيتان. وهما رمز لشبه الجزيرة
العربية التي كانت مسرحاً أوليًا لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
فليس المراد إذن نبيًا من بنى إسرائيل ؛ لأنه معلوم أن رسل بنى إسرائيل
كانت تأتى من جهة الشام شمالاً. لا من جهة بلاد العرب. وهذه البشارة أتت مؤكدة
للبشـارة المماثلة ، التى تقدم ذكرها من سفر التثنية ، وقد ذكرت أن الله: تلألأ أو
استعلن من جبل فاران.
بيد أن بشارة التثنية شملت الإخبار بمقدم موسىـ عليه السلام ـ والتبشير
بعيسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، أما بشـارة حبقوق فهي خاصة برسول
الإسلام صلى الله عليه وسلم. ولو لم يكن في كلام حبقوق إلا هذا " التحديد
" لكان ذلك كافياً في اختصاص بشارته برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ومع
هذا فقد أشتمل كلام حبقوق على دلائل أخرى ذات مغزى:
منها: الإشارة إلى كثرة التسبيح حتى امتلأت منه الأرض.. ؟!
ومنها: دكه صلى الله عليه وسلم لعروش الظلم والطغيان وقهر الممالك
الجائرة.
ومنها: أن خيل جيوشه ركبت البحر ، وهذا لم يحدث إلا في ظل رسالة الإسلام.
على أن كلام حبقوق مليء بالرمز والإشارات مما يفيدنا في هذا المجال ولكننا
نتجاوزه لأمرين:
أحدهما: أن في الإشارات الصريحة غناء عنها.
وثانيهما: عدم التطويل ـ هنا ـ كما اتفقنا.
ثانيا : بشاراته صلى الله عليه وسلم فى العهد الجديد
أسفار العهد الجديد (الأناجيل والرسائل) حافلة بالنصوص التى يتعين أن تكون
" بشارات " برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
تلك البشـارات تعـلن أحياناً في صورة الوعـد بملكوت الله أو ملكوت السماوات.
وأحيانا أخـرى بالـروح القـدس. ومرات باسـم المعـزى أو الفارقليط ، وهى كلمة
يونانية سيأتي فيما بعد معناها ، تلك هي صورة البشارات في الأناجيل فى صيغها
المعروفة الآن.
* ففى إنجيل متى وردت هذه العبارة مسـندة إلى يحيى ـ عليه السلام ـ المسمى
فى الأناجيل: يوحنا المعمدان. وفيها يقول: " توبوا ؛ لأنه قد اقترب ملكوت السموات
" (13).
فمن هو ملكوت السموات الذي بشر به يحيى ؟! هل هو عيسى عليه السلام ـ كما
يقول النصارى..؟ هذا احتمال.. ولكن متَّى
نفسه يدفعه حيث روى عن عيسى عليه السلام نفس العبارة: " توبوا ؛ لأنه قد
اقترب ملكوت السماوات " (14).
فلـو كان المراد بملكـوت السماوات ـ هذه ـ عيسى عليه السلام لما وردت هذه
" البشارة " على لسان عيسى ؛ إذ كيف يبشر بنفسه ، وهو قائم موجود ،
والبشـارة لا تكون إلا بشيء محـبوب سيأتي ، كما أن الإنذار ـ قسيمه ـ لا يكون إلا بشيء
" مكروه " قد يقع. فكلاهما: التبشير والإنذار ـ أمران مستقبلان.
إن ورود هذه العبارة عن عيسى نفسه تخصيص لذلك العموم المستفاد من عبارة
يحيى عليهما السلام. فدل ذلك على أن المراد بملكوت السماوات رسول آخر غير عيسى.
ولم يأت بعد عيسى ـ باعتراف الجميع ـ رسول غير رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
فدل ذلك على أنه هو المراد بملكوت السماوات في عبارة ـ عيسى عليه السلام ـ قولاً واحداً ـ وباحتمال
أرجح من عبارة يحيى ،إذ لا مانع عندنا ـ أن يكون يحيى عليه السلام قد بشر بها
بعيسى ـ عليه السلام. أما بشارة عيسى فلا
موضع لها إلا الحمل ـ القطعي ـ على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
وفى صيغة الصلاة التي علمها المسيح لتلاميذه ـ كما يروى مَتَّى نفسه ـ
بشارة أخرى بنبي الإسـلام. وهذا هو نص مَتَّى في هذا: " فصلوا أنتم هكذا:
أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك ليأت ملكوتك " (15).
* ووردت هذه الصيغة في إنجيل لوقا هكذا:
" متى صليتم فقـولوا: أبانا الذي في السماوات ليتقـدس اسمك ليأت
ملكوتك.. " (16).
ويذكر لوقا أن المسيح جمع تلاميذه ، وعلمهم كيف يقهرون الشياطين ، ويشفـون
الأمراض ثم قال: " وأرسلهم ليكرزوا ـ أي يبشروا ـ بملكوت الله " (17).
* أما مرقس فيسند هذه البشارة إلى
المسيح نفسه إذ يقول: " جاء يسوع إلى الجبل يكرز ببشارة ملكوت الله ويقول: قد
كمل الزمان واقترب ملكوت الله " (18).
فهـؤلاء ثلاثة من التلامذة
يتفقـون على أن يحيى وعيسى (عليهما السلام) قد بشرا بملكوت الله الذي اقترب. فمن
المراد بملكوت الله إذا لم يكن هو رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ؟ وأكاد
أجزم بأن عبارة " المسيح ، قد كمل الزمان " لا تعنى سوى انتهاء عصر
الرسالات الموقوتة وإقبال الرسالة الخالدة..!
* أما يوحنا صاحب رابع الأناجيل. فإنه يذكر هذه البشارات في مواضع متعددة
من إنجيله. ومن ذلك ما يرويه عن المسيح ـ عليه السلام ـ " الذي لا يحبني لا يحفظ
كلامي ، والكلام الذي تسمعونه ليس لى بل للأب الذي أرسلني. بهذا كلمتكم وأنا
عندكم. وأما المعزِّى (19) الروح القدس ، الذي سيرسله الأب بأسمى فهو يعلمكم كل شيء
ويذكركم بما قلته لكم " (20).
كما يروى يوحنا قول المسيح ـ الآتي ـ مع تلاميذه: " إنه خير لكم أن
أنطلق . إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى ، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك
يبكت العالم على خطية ، وعلى بر وعلى دينونة " (21).
ويروى كذلك قول المسيح لتلاميذه: " وأما إذا جاء ذاك روح الحق ، فهو
يرشدكم إلى جميع الحق ؛ لأنه لا يتكلم من نفسه. بل كل ما يسمع يتكلم به ، ويخبركم
بأمور آتية ".. ؟! (22).
فمن هو المُعَزِّى أو روح القدس أو روح الحق الذي بشر به المسيح عليه
السلام حسبما يروى يوحنا..؟!
إن المسيح يقول: إن ذلك
المُعَزِّى أو الروح القدس لا يأتي إلا بعد ذهاب المسيح ، والمسيح ـ نفسه ـ
يُقـِرُّ بأن ذلك المُعَزِّى أو الروح أَجَلُّ منه شأنا ، وأعم نفعاً وأبقى أثراً
، ولذلك قال لتلاميذه: خير لكم أن أنطلق. إن لم أنطلق لا يأتيكم المُعَرِّى.
وكلمة " خير " أفعل تفضيل بمعنى أكثر خيراً لكم ذهابي ليأتيكم
المعزى ولو كان " المُعَـزَّى " مسـاويا للمسيح في الدرجة لكانا مستويين
في الخيرية ولما ساغ للمسيح أن يقول خير لكم أن أنطلق.
ومن باب أولى لو كان " المُعَزِّى " أقل فضلاً من المسيح.
فعبارة المسيح دليل قاطع على أنه بشر بمن هو أفضل منه ، لا مساوٍ له ولا أقل.
ثم يصف المسيح ذلك المُعَزِّى أو الروح بأوصـاف ليست موجـودة في المسيح
نفسه ـ عليه السلام ـ . ومن تلك الأوصاف:
أـ إنه يعلم الناس كل شيء.وهذا
معناه شمول رسالته لكل مقومات الإصلاح في الدنيا والدين. وذلك هو الإسلام.
ب ـ إنه يبكت العالم على خطية.
والشاهد هنا كلمة " العالم " وهذا معناه شمول الإسلام لكل أجـناس البشر
، عربا وعجماً ، في كل زمان ومكان. ولم توصف شريعة بهذين الوصفين إلا الإسلام.
جـ ـ إنه يخـبر بأمور آتية ، ويذكـر بما مضى. وقد تحقق هذا في رسالة محمد
صلى الله عليه وسلم.
فأخبر بأمور آتية لم يخبر بها من سبقه أو أخبروا ولكن ليس على وجه التفصيل
والتأكيد الذى كان على يديه صلى الله عليه وسلم فكم في القرآن من أمور أخبر بها
قبل أن تقع فوقعت كما أخبر ، وكم فيه من الإخبار بما سيكون في الحياة الآخرة من
أوصاف الجنة ، والنار ، والبعث ، وعلامات الساعة ، وتخاصم أهل النار ، وحوار أصحاب
الجنة مع " رجال الأعراف " ، وندم من باعوا دينهم بدنياهم. إلخ.. إلخ.
وذكر بما مضى من أحوال الأمم ، وقيام الحضارات ثم سقوطها وأحوال المرسلين
وما بلغوا به أقوامهم والشهادة لهم بالصدق والأمانة والإخلاص والوفاء ، ومسلك بعض
الأقوام من رسلهم والصراع الذي دار بين المحقين وأهل الباطل ، وعاقبة بعض
المكذبين.. إلخ..إلخ.
ثم استوعبت رسالته الحياة كلها فأرست قواعد الاعتقاد الصحيح وسنت طرق
العبادة المثمرة ، ووضعت أصول التشريع فى كل ما هو متعلق بالحياة عاجلها وآجلها ،
ووضحت العلاقة السليمة بين المخلوق والخالق ، وبين الناس بعضهم بعضاً. وحررت
العقول ، وطهرت القلوب ورسمت طريق الهدى لكل نفس ولكل جماعة ولكل أمة. أى أنها
أرشدت إلى كل شيء. وعلمت كل شيء مما يحتاج تعلمه إلى وحى وتوقيف..!
ذلك هو الإسلام ، ولا شيء غير الإسلام.
وشهدت ـ فيما شهدت ـ للمسيح ـ عليه السلام ـ بأنه رسول كريم أمين أدى
رسالته وبشر وأنذر بنى إسرائيل. وأنه عبده ورسوله : (ذلك عيسى ابن مريم قول الحق
الذى فيه يمترون ) (23). وشهادة رسول الإسلام لعيسى ـ عليه السلام ـ
منصوص عليها فى بشارات عيسى نفسه به (صلى الله عليه وسلم). فاسمع إلى يوحنا وهو
يروى عن المسيح ـ عليه السلام ـ قوله الآتي. " ومتى جاء المُعَزِّى الذي سأرسله
" أنا " إليكم من الأب روح الحق من عند الأب ينبثق فهـو يشهـد لى..
وتشهـدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الابتداء " (24).
روح القـدس هذا ، أو المُعَزِّى ، أو روح الحق لا يمكن أن يكون عيسى ؛ لأن
عـيسى لم يبشر بنفسـه ، وهو كان موجوداً ساعة قال هذا ولا يمكن أن يكون المراد به
نبيًا بعد عيسى غير محمد (صلى الله عليه وسلم) لأننا متفقون على أن عيسى لم يأت
بعده نبى قبل رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
فتعين أن يكون روح القدس ، أو المعزِّى ، أو روح الحق تبشيرا بمحمد صلى
الله عليه وسلم إذ فيه تجتمع تلك الأوصاف ، كما يتحقق فيه معنى " الأفضلية
" إذ هو خاتم النبيين ، الذى جاء بشريعة خالدة عامة ، وعلى هذا حملنا قبلا
قول عيسى: خير لكم أن أنطلق. إن لم أنطلق لا يأتيكم المُعَزِّى "
وهذا إقرار من عيسى بأن المبشر به أفضل من المُبَشَّر وكفى بذلك شواهد.
أما البشارة باسم " الفارقليط " فقد خلت منها الترجمات العربية
المعاصرة للكتاب المقـدس. ومعـلوم أن الكتاب المقدس خضع لترجمات وطبعات متعددة ؛
لدرجة أن الترجمات العربية لتختلف من نسخة إلى أخرى اختلافا بيناً.
وتحت يدي ـ الآن ـ نسختان من الطبعـات العربية كلتاهما خاليتان من كلمة
الفارقليط ، وموضوع مكانها كلمة المعزى.
بيد أنني وجدت أن ابن القيم ، وابن تيمية ، كل منهما قد نقل عن نسخ خطية
كانت معاصرة لهما نصوصاً فيها التصريح باسم" الفارقليط " كما أن الشيخ
رحمة الله الهندي (رحمه الله) نقل في كتابه " إظهار الحق " نصوصاً
" عن ترجمات عربية ترجع إلى أعوام: 1821 ـ 1831 ـ 1844م وتمت فى لندن
معنى " الفارقليط ": كلمة
يونانية معناها واحد مما يأتي: الحامد ـ
الحماد ـ المحمود ـ الأحمد. أو معناها كل
ما تقدم. فمعنى " فارقليط " يدور حول الحمد وجميع مشتقاته المشار إليها.
وكل واحد منها يصح إطلاقه على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم فهو الحامد
والحمّاد والمحمود والأحمد ، والمحمد.
وفى الطبعات ـ اللندنية ـ المتقدم ذكرها ورد النص هكذا: " إن كنتم
تحبوننى فاحفظوا وصاياى. وأنا أطلب من الآب فيعطيكم فارقليط آخر ، ليثبت معكم إلى
الأبد ".
" الفارقليط
" روح القـدس الذي يرسله الآب بأسمى هو يعلمكم كل شيء ، وهو يذكركم كل ما
قلته لكم " .) انظر
كتاب " إظهار الحق " ص 528 للشيخ رحمة الله الهندى تحقيق الدكتور أحمد
حجازى السقا. نشر دار التراث)
ومقارنة هذين النصـين بالنص المقابل لهما الذي نقلناه آنفا عن إنجيل يوحنا
من الطبعات العربية الحديثة تريك أن الطبعات الحديـثة حـذفت كلمة " الفارقليط
" ووضعت مكانها كلمة " المعزى " كما تريك أن الطبعات الحديثة حذفت
جملة: " ليثبت معـكم إلى الأبد " وهو نص على خلود الإسلام على أنهم
عادوا واعترفوا بأن كلمة " المعزى " التى فى الطبعات الحديثة للكتاب
المقـدس أصلها مترجـم عن كلمة يونانية لفظاً ومعنى وهى " باراكليتس "
ومعناها المعزى ، وليست " فارقليط " أو " بارقليط " التى
معناها الحماد والحامد 000 والتى يتمسك بها المسلمون.. ؟!
وهذه المحاولات مردودة لسببين:
أولهما: ليس نحن ـ المسلمين ـ الذين قاموا بعمل بالطبعات القديمة التي
فيها " الفارقليط " وإنما طبعها النصارى قديماً. فعملهم حجة على الطبعات
الحديثة وهم غير متهمين فى عملهم هذا.
وثانيهما: ولو كانت الكلمة " هي: الباراكليتس " فلماذا خلت منها
الطبعات القديمة والنسخ المخطوطة ؟! بل
ولماذا خلت منها الطبعات الحديثة..؟!
وأيا كان المدار: فارقليط ، أو باراكليتس ، أو المعزى ، أو الروح القدس
فنحن لا نعول على الكلمة نفسها بقدر ما نعول على الأوصاف التي أجريت عليها. مثل
يعلمكم كل شيء ـ يمكث معكم إلى الأبد. فهـذه الأوصـاف هي لرسـول الإسـلام صلى الله
عليه وسلم ومهما اجتهدتم فى صرفها عنه فلن تنصرف.
@ وفي كتاب ( محمد في الكتاب المقدس ) لديفيد
بنجامين كلداني : وسوف يأتي أحمد لكل الأمم ( سفر حجي 2-7 ) السفر في العهد القديم
ص 1338 دار الكتاب المقدس بالقاهرة 1983 وقد كتب فيه كلمة ( المشتهي ) بدلا من (
حمدا ) الذي هو أحد معانيها في الترجمة وفي بعض النصوص القديمة .
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ
التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ
فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ [الصف : 6]
وجاء في الإصحاح الثاني من سفر حجي الملة 7-9 ( ولسوف أزلزل كل
الأمم وسوف يأتي
حمدا himada ( بكسر الحاء ) لكل الأمم
وسوف أملأ هذا البيت بالمجد كذالك قال رب الجنود ، ولي الفضة ، ولي الذهب ، هكذا
يقول رب الجنود )2
كلمة (حمدا ) بكسر الحاء
والكلمة مأخوذة من اللغة العبرية القديمة أو لعلها الأرامية وفي الأصل (
حمد ) بالحرف الساكن ويلفظ بدون التسكين ( حمد ) وفي اللغة العبرية تستعمل ( حمد )
لتعني الأمنية الكبري أو المشتهي ، وأيضا في اللغة العبرية يأتي الفعل ( حميدا )
من نفس الحرف الساكن ( حمد ) ومعناها الحمد.
وأيا المعنيين تختار ، فإن الحقيقة تبقي بأن كلمة أحمد هي
الصيغة العربية لكلمة ( حمدا ) وهذا التفسير قاطع لا ريب فيه .(من كتاب العقائد
الوثنية في الديانة النصرانية )مكتبة ابن تيمية الكويت .
المراجع
(1) رددنا على هذه الادعاءات
فى " الإسلام فى مواجهة الاستشراق فى العالم " مرجع سبق ذكره.
(2) سفر التثنية: الإصحاح (33) الفقرات (1-2).
(3) سفر التكوين (21 - 21).
(4) سفر التثنية: الإصحاح (18) الفقرات (18 - 19).
ويكون المعنى عليه: كيف أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم ؟ أى لا أفعل
هذا.
(5) الجمعة: 2. (6) البقرة: 129.
(7) المزمور (45) الفقرات (2 - 17) مع الحذف اليسير. (8) الأنبياء:
107.
(9) مكان النقط هنا كلام لم
نذكره هو " قدوس إسرائيل لأنه مجدك " ؟! وهذا مقطع مضاف بكل تأكيد
والهدف منه صرف الكلام عن معناه الظاهر!!
(10) سفر أشعياء الأصحاح (60) الفقرات (4-12) مع حذف يسير.
(11) القصص: 57 (12) (3 ـ3 ـ15) مع الحذف.
(13) الإصحاح (3) الفقرة (2). (14) الإصحاح (4) الفقرة
(17).
(15) الإصحاح (6) الفقرة (9ـ10). (16) الإصحـاح (11)
الفقـرة (2).
(17) الإصحاح (9) الفقرة (2). (18) الإصحاح (1) الفقرة
(14 ـ15).
(19) المُعَزِّى: اسم فاعل من الفعل مضاعف العين عزى . (20) الإصحاح (14) الفقرات (24 ـ 26). (21) الإصحاح (16)
الفقرتان (7 ـ8). (22) الإصحاح (16) الفقرة (13).
(23) مريم: 34. (24) الإصحاح (15) فقرتا (26 ـ 27).
وقفة تأمل
* وهنا يجب أن نقف وقفة تأمل قبل أن نستأنف
رحلة الحقيقة ، فنقول : لا يمكن لعاقل أو إنسان
سوي أن ينكر الوحي ، فالعقل يوقن أن الصانع يتابع صنعته بإرسال الرسل تحمل الكتالوج
حتى تعمل الصنعة على أكمل وجه ولا تتعرض للتعطل أو التلف ، والعقل يرى من حوله كون
بديع عظيم ومنظم تحكمه قوانين غاية في الدقة والتقدير ، فهل يترك الخالق العظيم
العليم الحكيم القدير ذلك الإنسان المكلف حر الإرادة بلا عناية ومتابعة ، إن العقل
المكلف المخلوق لله معرض للنسيان ومعرض لاختراق فيروسات الشياطين ومعرض للحيود
والضلال بسبب برنامجه العقلي الحر المنفتح على عالم التكليف من حوله بخيره وشره
،ولذلك جعل العليم الحكيم الوحي برنامجاً مكملاً يصاحب العقل المكلف يذكره إذا نسي
ويهديه إذا ضل ويشفيه إذا مرض ويحميه من اختراق فيروسات الشياطين ( ذلك تقدير
العزيز العليم ) ، بل إن ذلك الوحي ضروري لظهور العقل من البداية ( وقد بينا ذلك
يقينا في بحث نشأة اللغة )
*وشاء العليم الحكيم أن تنزل الرسالات علي
مراحل وفقاً لمراحل أطوار عقل البشرية حتي انتهت بدين كمال البشرية العالمي
الخالد.
* التوراة حق والإنجيل حق وكل ما نزل من عند
الله حق . وليس من المعقول أن يجعل العليم
الحكيم الرحمن الرحيم لعباده في فترة
زمنية تجمعهم كتب متعددة ومختلفة تكون سبباً في تفرقهم وتصارعهم وتعاديهم ، بل هي
رسالة واحدة ، فإذا وجدت عدة كتب في زمان واحد – كما نرى الآن – فإن أحدهم هو
المحفوظ الصادق .
@ وعلامات الوحي الصادق أن
نجد فيه تنزيه الله مما لا يليق بكماله سبحانه ، وتنزيه رسل
الله مما لا يليق بحملة رسالات السماء ، وصدقه في إخباره عن الغيب ، وعدالته بلا
عنصرية أو ظلم لكل عبيد الله ، ودستوره الذي
يأمر بالعدل والإحسان وإتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، ومنهاجه العقلي
الذي يصحب العقل الكوني في رحلته في كون معقول ليطل في النهاية إلى عالم الغيب
وكأنه يراه فيؤمن ، ووصفه للكون من البداية الي النهاية ومن الذرة الي المجرة وصفا
يتطابق مع حقائق العلم ، وهو في نفس الوقت لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه .
ولقد بينا في
الجداول السابقة المعاني المشتركة في بعض - القضايا الهامة - بين الكتب المتاحة
للفحص والبحث ، والتي تشكل العامل المشترك أو الإسناد الحق الذي يمكننا من خلاله
التعرف علي كتاب الله الوحيد المحفوظ .
والعاقل المدقق
يلاحظ إن القرآن الكريم يستمر في ثباته على مبادئ الوحي الحق من تنزيه الله مما لا
يليق بكماله ، وتنزيه رسل الله مما لا يليق بحملة رسالات الله ، وخلوه من الكلمات
الفاحشة والتناقض البين ، بينما الكتب الأخرى تظهر عليها علامات الانحراف الخطرة ،
وسنضرب لذلك أمثلة قليلة وفى المراجع الكثير .
ولنتعرف على ذلك
يقينا علينا أن نقوم بدراسة نقرأ فيها القرآن ككل وفى المقابل نقرأ الكتب
الأخرى ككل في بعض القضايا التي نختارها
لتكون أمثلة لدراسة شاملة تشمل دوائر أوسع عسي الله أن يوفق أهل الحق لاستكمالها
.
التناقض
بين النصوص المقدسة
ولنبدأ
باختيار أخطر القضايا أو قضايا القمة وهي :
* قضية الألوهية
* قضية رسل الله * قضيه أسلوب
كلام الله * قضية العدل * القصص في الوحي
الحق * قضية العلم .
أولا :
ثبات القرآن ووضوحه في تنزيه الله بالمقارنة بالكتب المحرفة
المقارنة بين القرآن الكريم والكتب الأخرى في تنزيه الله سبحانه
القرآن
الكريم
|
الكتب
الأخرى المحرفة
|
(*
وما أعجلك عن قومك يا موسى(83) قال هم أولاء على أثرى وعجلت إليك ربي لترضى (84)
قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري (85) فرجع موسى إلى قومه غضبان
أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ، أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل
عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي ) 86 طه،
وفى سورة الأعراف (151) : يقول موسى لربه في أدب وخشوع : ( قال رب اغفر
لي ولأخي وأدخلنا فى رحمتك وأنت أرحم الراحمين ) وفى سورة مريم 64 : ( وما كان ربك نسيا )
الآيات تحكي
موقف موسى بين يدي الله وقد تعجل فترك قومه فأضلهم السامري فعبدوا العجل.
لاحظ
هنا موقف التأدب والعبودية لموسى فى خطابه لله العلي العظيم الذي ( لا يُسأل عما
يفعل ) ولاحظ نفى نسبة النسيان إلى الله سبحانه، وعلى العقل الحر أن يقارن
ليتعرف على الحق ويختار .
|
وفى سفر الخروج
إصحاح 32 نقرأ ما يأتي : ( قال موسى لربه : لماذا يا رب يحمى غضبك على شعبك الذي
أخرجته من أرض مصر بقوة عظيمة ويد شديدة ، لماذا يتكلم المصريون قائلين أخرجهم
بخبث ليقتلهم في الجبال . أرجع عن حمو غضبك اندم عن الشر بشعبك ، اذكر إسحاق
وإسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك وقلت لهم : أكثر نسلكم كنجوم السماء وأعطى
نسلكم كل هذه الأرض فيملكونها إلى الأبد ، فندم الرب على الشر الذي قال أنه
يفعله بشعبه )
معناها : عندما قرر الرب إبادة بني إسرائيل
بعد كفرهم بعبادة العجل ، رده موسى بقوله ارجع عن حمو غضبك ، ثم يذكره بالوعد
الذي قد نسيه الرب بالإبقاء عليهم ، وعندما سمع الرب ذلك من موسى تذكر وندم
|
القرآن
الكريم
|
الكتب
الأخرى المحرفة
|
في الأنعام : لا
تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو
اللطيف الخبير ( 103) وتوضحها سورة الشورى : ( 00 ليس كمثله شيء وهو السميع
البصير (11) .
فيها
تنزيه الله من أن يدرك بالعين الفانية أو يتجسد فيتحدد ويحاط به
وفى سبأ (2)
يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم
الغفور . وفى المجادلة (7) ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما
يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا
أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء
عليم . فيها
طلاقة علم الله الذي لا يخفى عنه شيء في الأرض ولا في السماء
وفى ق (38) ولقد
خلقنا السماوات
والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب
فيها
تنزيه الله من اللغوب وهو التعب
|
في سفر الخروج
إصحاح 24 فقرة 9 : ( ثم صعد موسى وهارون
، وسبعون من شيوخ إسرائيل ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق
الأزرق الشفاف وكذات السماء في النقاوة ، ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بنى
إسرائيل ، فرأوا الله وأكلوا وشربوا ) لاحظ إثبات الرؤية لله فوق الجبل ، ولاحظ وتحت رجليه شبه ،
ولم يمد يده
وفى سفر التكوين
إصحاح 3 فقرة 8 : ( وسمعا صوت الرب الإله ماشيا في الجنة فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت )
لاحظ أن الله يتمشي في الجنة باحثا عن آدم
المختبئ خجلا من خطيئته ، وعندما لم يجده الرب ظاهرا أمامه صاح أين أنت يا آدم
وفى سفر الخروج
21 فقرة 17 : ( صنع الرب السماء والأرض وفى اليوم السابع استراح وتنفس ) لاحظ أن الله استراح
وتنفس بعد مشقة خلقه للسماوات والأرض ( سبحانه وتعالي عما يصفون ))
|
في الجداول لاحظنا
انه بينما يستمر القرآن في تنزيه الله من أول كلمة إلي آخر كلمة فيه نجد النصوص
الأخرى تنسب لله ما لا يليق بكماله ( سبحانه )
بل قد جاء في
نصوصهم : أن يعقوب صارع الرب وضربه بحق فخذه ومنعه من الصعود إلى السماء إلا بعد أن
انتزع منه البركة ( سبحانه وتعالي عما يصفون ) .
وعلى العقل المفكر
الباحث عن الحق أن يحكم أي الكتب التي يحق أن نطلق عليه كلام الله الخالد المحفوظ
.
وفى قضية الرسل المكرمين نجد ثبات القرآن على مبدأ تنزيه
الرسل مما لا يليق بحملة رسالات السماء، ونفاجأ بالكتب الأخرى- المحرفة - تنسب لرسل الله كبائر الإثم والفواحش العملاقة
المخذلة وهذا ما سنبينه في الحلقة التالية.
ثانيا :
ثبات القرآن في تنزيه رسل الله بالنسبة الي الكتب المحرفة
المقارنة بين القرآن الكريم والكتب الأخرى فى
وصف رسل الله
القرآن
الكريم
|
الكتب
الأخرى المحرفة
|
وصف القرآن الكريم لأنبياء الله ورسله كما يأتي : سورة الأنعام( ووهبنا له إسحاق ويعقوب
كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون
وكذلك نجزي المحسنين *(84) وزكريا ويحي وعيسى وإلياس كل من الصالحين (85)
وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا على العالمين (86) ومن آبائهم
وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم(87) ذلك هدى الله يهدي به من
يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون )
سورة
الأنبياء ( ولوطاً آتيناه حكماً وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل
الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين (74) وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين
(75)
وفى
سورة ص 17 : 20
(
اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب * إنا سخرنا الجبال معه
يسبحن بالعشي والإشراق )
|
بعد
نجاة لوط والمؤمنين معه جاء فى العهد القديم ما يأتي :
(وصعد لوط من صوغر وسكن فى الجبل وابنتاه معه ، فقالت
البكر للصغيرة أبونا شاخ وليس فى الأرض رجلا يدخل علينا كعادة أهل الأرض ، هلم
نسقي أبانا خمرا ثم نضطجع معه فنحيي من أبانا نسلا ،فسقتا أباهما خمرا فى تلك
الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ،ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها ) وفعلت
الصغرى نفس الشيء فى الليلة التالية مباشرة ( فحملت أبنتا لوط من أبيهما فولدت
البكر ابنا اسمه موآب والصغرى ولدت ابنا اسمه بنى عمي ) .
وهذا
الاتهام بالزنا الفائق الحد موجه أيضا في نصوص كتبهم
المحرفة للنبي داود وذريته
( مذكور أن
النبي داود زني بزوجة أحد المجاهدين في جيشه وهو غائب في ميدان القتال ،ولما
حملت زوجته خاف من الفضيحة فقتله وتزوج امرأته بعد ذلك وولدت له النبي سليمان )
وكذا جاء فى نصوصهم أن ابن داود النبي اغتصب أخته ووصفت خطوات ووسائل التجهيز
وتنفيذ عملية الاغتصاب
|
فهل
يمكن للعقل أن يصدق أن الله يتهم أنبيائه حملة رسالته ووحيه بكبائر الفواحش
الخسيسة ، وما القيمة الأخلاقية التي يترتب عليها ذكر هذه الفواحش ، وهل تصلح
الأنبياء بعد ذلك أن تكون قدوة في تبليغ منهاج السماء ، وهل في القرآن ولو كلمة
واحدة من هذه البذاءات فعلى العقل المفكر الحر أن يقارن ويختار
التعليق العلمي
على قصة لوط عليه السلام كما جاءت في لكتب
المحرفة
فى ( العهد القديم
) الكتاب المشترك لليهود والنصارى ، جاء فى ذكر آل النبي لوط عليه السلام ما يأتي
: عندما نجا لوط وقومه من المؤمنين من
أتباعه ، سكن لوط وأبنتاه فوق الجبل وسكن بقية المؤمنون أسفل الجبل . ثم تسلسلت
الأحداث كما يأتي :
1- أن ابنة لوط الكبرى
قالت لأختها الصغرى : أنه لن يدخل علينا فى مقرنا هذا رجل ( تقصد ليتزوجهم ) فهيا
بنا نسقى أبانا خمرا حتى نمارس معه الجماع ليتم الحمل من أبينا ( نبي الله لوط )
لنحيي من أبانا نسلا .
2- أول ليلة سقت الكبرى أباها لوط ( النبي ) خمرا
حتى سكر لدرجة فقد الوعي ثم مارست معه الجماع الكامل الذي أدى إلي الحمل وكان لوط
فى غيبوبة كاملة كما جاء فى النص المقدس لهم ، وقد حدث الحمل فى ليلة واحدة لم
تتكرر .
3- وفى الليلة التالية
مباشرة فعلت الصغرى نفس الشيء ونتج الحمل أيضا فى ليلة واحدة والأب النبي فى
غيبوبة لا يدرى .
وفى
هذه القصة سقطات ومخالفات للعقل والنقل منها ما يأتي :
* لماذا ينعزل لوط
عن المؤمنين من قومه الذين عاشوا معه سابقاً وخرجوا معه بفضل من الله ناجين من
العذاب المهين الذي حل بالفاسقين ؟ .
* وإذا كان في
عزلة عن المؤمنين فمن أين يأتي بالمأكل والملبس والماء وكيف يبلغ رسالة الله
ويتابعها مع رجاله الصالحين ؟ .
* والسقطة الأخرى
: أن العلماء وأهل الدراية يعلمون علم اليقين أن السكران سكراً يصل به إلى درجة
فقد الوعي لا يمكن أن يمارس الجماع الذي يؤدي إلى الحمل وقد ذكر ذلك في كتب العلم
العالمية وفي قصة شكسبير الشهيرة .
* أما حمل الابنة
الكبرى في ليلة واحدة وبعدها في الليلة التالية مباشرة حملت الصغرى يقتضي – حاشا لله – معجزة بكل المقاييس العلمية لماذا ؟
@ لأنه قد عُرف
حديثا أنه لكي يحدث الحمل ، لابد أن تلتقي بويضة الأنثى مع الحيوان المنوي للرجل ،
ولأن البويضة تنزل مرة واحدة كل شهر وفى توقيت معين يختلف من أنثى لأخرى ، ولأن
البويضة تعيش ساعات ثم تتحلل وتموت ، فأن ذلك يقتضي أن تكون البنت الكبرى قد أقتت
وضبطت نزول بويضتها فى هذه الليلة ، وكذلك فعلت البنت الصغرى فى الليلة التالية
مباشرة ، فكيف يتسنى لأختين مختلفتين فى السن أن يفعلا ذلك ، إن أكبر معامل
البيولوجيا الحديثة لا يمكن أن تفعل ذلك ، وحاشا لله أن تكون هذه الفاحشة معجزة ،
فلا مفر للعقل الواعي إلا أن يحكم على هذه القصة بالتزييف .
* وعندما يبحث
القارئ فى الكتاب الذي ذكرت فيه هذه القصة ليعرف ماذا كان رد فعل النبي لوط عندما
وجد ابنتاه قد حبلوا أو بعد أن جاءهما المخاض أو بعد أن جاءا أباهما يحملان
الأطفال لا يجد أثر لذلك 000 كيف ؟
* وعندما يبحث
العقل فى الكتاب المذكور فيه هذه القصة عن ماذا قال الرب عن هذه الجريمة
الفائقة يجد الصمت 0000 كيف ؟
* ثم ما القيمة
الأخلاقية أو غير الأخلاقية لهذه القصة ، مما يدفع العقل للتساؤل : لماذا كتبت هذه
القصة وإلى أي هدف تشير ؟
يقول
السموءل الحبر اليهودي الكبير فى الإجابة عن هذه التساؤلات ما يأتي :
جعل موسى الإمامة
في الهارونيين فلما ولى طالوت قتل منهم جمعاً غفيرا وشرد بهم ثم انتقل الأمر إلى
(داود ) ولكن نفوس الهارونيين بقيت تعتقد بأنهم الأحق بالخلافة من غيرهم وبقيت هذه
الأمنية في صدورهم حتى بعد العودة من النفي البابلي فقام عزرا (الناسخ ) وكان
مقرباً لملك القدس وأقنعه ببناء بيت المقدس وكتب لليهود التوراة وأضاف إليها (
لأنه هارونيا ) فصلين طاعنين ، في أحدهما قصة بنات لوط والأخرى قصة ( ثامان ) حتى
يلصق العار بهم فتعود المملكة للهارونيين مرة أخرى وقد كان له ذلك في الدولة
الثانية (وفي المراجع الكثير) .
* ومن خلال اعتقاد الطرفين بمنهاج الوحي
الخاص بهم نتابع اعتقاد كل طرف فى قضية
الرأس ( الله ورسل الله ) ونتفكر أى الفرقين أهدى للحق .
اعتقاد
الموقنين بالقرآن الكريم
|
اعتقاد
المتمسكين بالكتب المحرفة
|
* الله ليس
كمثله شيء له صفات الكمال قادر على كل شيء ، لا يسئل عما يفعل
* تنزيه رسل
مما لا يليق بحملة رسالات السماء من كبائر الأثم والفواحش
|
* الله –
سبحانه وتعالى عما يصفون –يمكن أن يتجسد ويصلب ويقتل ويموت وينسي ويبخل ، ويمكن
للأنبياء أن ترد على الله وتذكره
* رسل الله
يمكن أن ترتكب كبائر الإثم والفواحش حتى الزنا ببناتها ، ولها حق الاعتراض على
الله وتذكيره .
|
ثالثا : خلو اسلوب كلام الله من
التعبيرات التي لا تليق بوحي السماء
الباحث المدقق يجد في الكتب المحرفة نصوص لا
تليق بوحي السماء وهذه أمثلة قليلة :
جاء في
سفر حزقيال (23 ) وهو يصف أحد المومسات [ وعشقت معشوقهم الذين لحمهم كلحم الحمير
ومنيهم كمني الخيل ] إني أعتذر أيها القارئ فهذه ترجمة هذبها المترجم للنسخة
العربية، لكن حقيقتها في النسخة الإنجليزية New World هي : لقد دفع بك شبق العاهرات بائعات
الهوى إلى أعضاء الذكورة للأجانب الشبيهة بأعضاء الذكورة لدى الحمير التي تنزل
منيا كمني الخيول .
إني
آسف على ذكر ذلك ، ولكن الأمانة العلمية تقتضي رفع الحرج حتى يعلم العقل أين الحق
· فهل يجوز أن يذكر ذلك في وحي السماء ؟ * وما القيمة
الأخلاقية من وراء ذلك ؟
وهل يستطيع المعلم أو رجل الدين أن يرتل هذه الفقرات أمام الشباب والشابات
بل وأمام الشيوخ والنساء في المعابد ؟ وهل يستطيع الأخ أن يقرئها مع أخته بالليل
والناس نيام ؟ وهل يستطيع الأب أو الأم أن تقرئها أمام أولادها وبناتها ؟؟؟
· وهل في القرآن الكريم كلمة واحدة من هذه الألفاظ
التي تخدش الحياء؟
ولو عدنا إلي بنات لوط وهم يخططون لإسكار أبيهم النبي ليمارسا معه الجنس
وتسائلنا كيف يمكن أن نرتل هذه الفقرات بين بناتنا وأولادنا أوفي المعابد ، وما
القيمة الدينية أو الأخلاقية لهذه الوقائع حتى تذكر في وحي الله ، وإذا كان هذا
يجوز حدوثه في بيوت الأنبياء القدوة فما بال التابعين والسامعين لتلك الفقرات
المخجلة ، وخصوصا والوحي يصمت ولا يخبرنا برد فعل لوط وتعليق الوحي علي هذه
الكبائر!
وهل تستطيع الأخت أن تقرأ هذه الفقرات مع أخيها بالليل والناس نيام ؟
* ونقرأ في سفر التكوين 35- : 22 ثم رحل إسرئيل ( يعقوب عليه السلام )
ونصب خيمته وراء مجدل عدر . وحدث إذ كان إسرائيل ساكنا في تلك الأرض أن رأوبين ذهب
واضطجع مع ( بلهة ) سرية أبيه ، وسمع إسرائيل .
* وفي سفر التكوين ( العهد القديم ) 38 – 15 – 18 : فنظر يهوزا ثامار (
زوجة ابنه ) وحسبها زانية لأنها كانت قد غطت وجهها لأنه لم يعلم أنها مكنته ( عملت
له كمين لتحظي به فلما راودها ) قالت له ماذا تعطني لكي تدجل علي . فقال : أني أرسل
جدي معز من الغنم . فقالت هل تعطيني رهنا حتى ترسله ؟ فقال : ما الرهن ؟ فقالت :
خاتمك وعصابتك وعصاك ، ودخل عليها فحبلت منه .
وعندما حاول – مقيم الحدود - أن
يقيم عليها حد الزنا أخرجت له الرهن فتراجع عن إقامة الحد وقال : هي ابر مني
هل تليق هذه الروايات أن تذكر في كتاب من عند الله ،وهل يمكن أن يتلوها
البنات والأولاد بالليل والناس نيام ؟ وهل يمكن أن يتعبد به المكلفين في صلواتهم
ومعابدهم ؟ ، وإذا كان ذلك يحدث من سدنة المعبد وسلالة الرسل وهم القدوة ، فما بال
عامة الناس ؟
*وهل في القرآن الكريم أمثال تلك النصوص المخلة والتي تخدش
الحياة ، والتي تقع تحت طائلة قانون الآداب حتي في الدول العلمانية الملحدة ؟.
بل وما القيمة الدينية لما جاء في سفر صموئيل الثاني 13 في بيت النبوة -
بيت النبي داود- في وصف الكمين الذي جهزه
ابن داود النبي لأخته ( ثامار ) ليغتصبها وقد وصف مراحل التخطيط وعملية الاغتصاب
خطوة خطوة ، فإذا كان بيت القدوة يحدث فيه هذا ، فماذا سيحدث في بيوت التابعين ؟ ،
ثم ماذا لو رتلت أخت مع أخيها بالليل هذه الفقرآت ؟
*وهل في القرآن أمثال هذه النصوص المخلة المخجلة المجرمة ؟
.
بل لقد
استخرج رحمة الله الهندي - في كتابه ألهام ( إظهار الحق ) – نصوص كثيرة
من الكتب المحرفة لا يمكن أن تنسب إلى كلام الله المنزه نذكر منها ما يأتي : أن سليمان نبي الله ارتد في آخر عمره وعبد
الأصنام وبني لها المعابد ( سفر الملوك الأول 11 / 1 – 13 ) ، وأن هناك نبي كبير
خدع نبي صغير وكذب عليه باسم الوحي وتسبب في قتله ( سفر الملوك 13/1 – 30 ) ، وأن
داود وسليمان وعيسي عليهم السلام من أولاد ولد الزنا وهو فارض بن يهوذا ( سفر
التكوين 38/12 – 30 )
رابعا : العدل الإلهي وحقوق
الإنسان في وحي الله
ومن خصائص الوحي الحق أن يحمل العدل والرحمة لعباد الرحمن بلا
عنصرية أو ظلم ، وهذا ما نجده في القرآن الكريم بلا منافس .
القرآن
الكريم
|
الكتب
المحرفة
|
) يا أيها الناس
إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم)الحجرات 13 وفى قوله صلى الله عليه وسلم : ( كلكم لآدم
وآدم من تراب ) و (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ) أو نحواً من ذلك .
كل ذلك يوضح
ويجدد معنى الوحدة الإنسانية الكاملة الحقيقية .
* العدالة المطلقة التي لا تفرق بين عدو
وولي ، فالعدو يجب أن يعامل بالعدل كما يعامل
الولي ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى :(
ولا
يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى)(8) المائدة
* الحرب الهادفة النبيلة
هدف الحرب فى
الإسلام تحرير الإنسان من ظلمات عبودية الطواغيت والشياطين إلى الحرية والسعادة
فى العبودية لله رب العالمين
ومن أخلاقيات الإسلام في الحرب أنه صلى
الله عليه وسلم أوصى بما يأتي :[ لا تقتلن
امرأة ولا صغيراً ضرعا ( ضعيفاً ) ولا كبيراً فانياً ، ولا تغرقن نخلاً ، ولا
تقلعن شجراً ، ولا تهدموا بيتاً ] ولقد شمل النبل- في حروب
المسلمين- الأسرى من الأعداء إذ وصى صلى الله عليه وسلم عليهم فقال [ أحسنوا أسرهم، وقيلوهم واسقوهم، ولا تجمعوا عليهم حر
الشمس وحر السلاح ]. وهذا
من خلق القرآن الذي يتجلى في وصف الحق للأبرار في سورة الإنسان(8) في
قوله: ( ويطعمون الطعام علي حبه
مسكينا ويتيما وأسيرا ) وفيها جعل الحق حسن معاملة الأسرى عبادة لله
وتقربا إليه، فأي دين أعظم من ذلك، وأي دليل على الصدق أصدق من ذلك .
· الإسلام
يرفض الربا ويعتبره أم المظالم
وقد أشار القرآن الكريم إلي ذلك كما يأتي
:
)وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند
الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ( سورة الروم (39)
|
يقرأ الإسرائيليون
في أسفارهم أن الله اختصهم وحدهم بعبادته ، أما بقية شعوب الأرض الأخرى فقد جعل لها الشمس
والقمر وبقية جند السماء لتعبدها كما
جاء في كتابهم المقدس ( في سفر التثنية 4:15 – 1) وقد جاء في سفر اللآويين 25 / 29 – 46[ وأما عبيدك وإماؤك الذين يكونون لك فمن الشعوب الذين حولكم
، منهم تقتنون عبيداً وإماءً ، وأيضاً أبناء المستوطنين لأبنائكم من بعدكم ميراث ملك ، تستعبدونهم أبد الدهر ،
وأما إخوتكم بنوا إسرائيل فلا يتسلط على أخيه
بعنف] .
وفي سفر
التثنية 20-16 [حين تقترب من مدينة لكي
تحاربها استدعها إلى الصلح فإن أجابت وفتحت لك أبوابها فكل الشعب الموجود فيها
يكونوا لك للتسخير ويستعبد لك ] . [وأما من هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيباً فلا
تستبق منهم نسمة ]ومعنى نسمة في الترجمة
الإنجليزية للكتاب المقدس = أي شيْء يتنفس
[ لأنك أنت شعب
مقدس للرب إلهك ، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعباً أخص من جميع الشعوب
الذين على وجه الأرض]
وفي سفر التثنية إصحاح 23 [ للأجنبي تقرض
بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا لكي يباركك الرب إلهك ]
|
إبادة عنصرية ،
إذلال ، استعباد ، ربا هذا ما جاء في النصوص المحرفة ، وفي المقابل : عدل ورحمة ومساواة بين عباد
الله ، وحض علي الشفقة وعدم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان في حالات حاجته وضعفه كما جاء في الوحي
الخالد المحفوظ . أليس فى كل ذلك دليلا عمليا على صدق الرسالة وصدق الرسول
.
خامسا :
القصص في الوحي الحق
واستقراء القصص القرآنية نجدها تصب في إبراز قضية التوحيد وما لله من صفات
الكمال وأنه سبحانه الحكم العدل الرقيب الحسيب المهيمن العزيز وأن هذا الخلق لم
يخلق عبثا أو باطلا بل خلق لهدف وغاية . وتكرس القصة في القرآن أيضا لتوجيه
المكلفين للتقوى والعفة ومكارم الأخلاق ، وللبذل والعطاء والثبات علي الحق .
وعلي سبيل المثال : في سورة المائدة :
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ
إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ
الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ
الْمُتَّقِينَ [27] لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ
يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ [28]
* فغاية هذه القصة تأصيل التسامح والأخلاق الإنسانية الراقية والخوف من
الله .
وفي قصة يوسف :
وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ
وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ
رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [يوسف : 23]
· فيها دعوة للعفة خوفا من الله ومكارم الأخلاق .
وفي يس : في قصة حبيب النجار الذي استشهد في الدفاع عن الحق
وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ
يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ [20] اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ
أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ [21] وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي
وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [22] أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ
الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ
[23] اني اذن لفي ضلال مبين 24 إِنِّي
آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ [25]
* فيها دعوة وقدوة للثبات علي الحق والدفاع عن الدين .
وكل قصص القرآن تشكل مدرسة للتوحيد ومكارم الأخلاق والجهاد في سبيل الله .
وفي المقابل نجد في النصوص المحرفة قصص تدعوا إلي الرزيلة والفساد والظلم
والجريمة.
* فألي أي شيء تشير قصة زني داود النبي الملك بزوجة صديقه قائد جيشه الورع
المجاهد ثم قتله ظلما وعدوانا .
* والي أي شيء تشير قصة اغتصاب ابن داود النبي لأخته خطوة خطوة ، والي أي شيء
تشير قصه زنا بنات لوط النبي بأبيهم !
* والي أي شيء يشير قصص زني المحارم التي لطخت به النصوص المحرفة !
وهذه بعض القصص العجيبة التي تتسبب فى قضايا خطرة تمس رأس العقيدة وتتنافى
مع منطق الوحي تجعل المفكر الواعي يوقن بأنها من أساطير الأولين ، وهذه بعض
الأمثلة وفى المراجع الكثير :
قصة برج بابل وسر قوس قزح .
اللتين جاء ذكرهما فى ( سفر التكوين ) .
القصة الأولى :
برج بابل .
هذه القصة تبدأ
بعد الطوفان وتحرك البشر نحو بابل كما جاء في سفر التكوين إصحاح 11 [ وحدث في
ارتحالهم شرقا ( البشر بعد الطوفان ) أنهم وجدوا بقعة في أرض شنعار وسكنوا هناك ]
ثم قالوا : [ هلم نبني لأنفسنا مدينة وبرجا ( برج بابل ) رأسه بالسماء ، ونضع
لأنفسنا اسما لئلا نتبدد على وجه كل الأرض ] فماذا حدث أيها السادة ؟ لنسمع ما جاء
في الكتاب المقدس لهم :
[ وقال الرب : هو
ذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم ، وهذا ابتدائهم بالعمل (برج بابل ) والآن لا يمنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه
، هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض ] وقد كان سبب هذه
البلبلة ظهور لغات البشر العديدة وتفرق سكان بابل عن مدينتهم . وهنا يسأل العقل الباحث أسئلة حائرة :
· لماذا تخوف الله مالك الملك – سبحانه - من برج بابل وهو على الأرض لا يكاد يذكر في مملكة الله ؟
· وهل تعدد اللغات يصرف قوما عن مدينتهم ، وهناك في
المدن الأخرى الكافرة مئات اللغات ؟
· وإذا كان الله مالك الملك يتوجس بهذه الدرجة من
قوم بدائيين ، فما الحل وكفار اليوم يرسلون الصواريخ ومركبات الفضاء إلي القمر والنجوم ، ولهم ألسنة متعددة ؟ سبحانه وتعالى عما يصفون
.
· وهل اللغات تعددت في هذا الوقت في بابل أم أن
اللغات كانت متعددة من قبل ذلك ؟
الأدلة العلمية
تؤكد أن اللغة البابلية كانت إحدى اللغات من عديد من اللغات سبقتها
هذه ظواهر مطروحة
أمام العقل المفكر للبحث والحوار .
القصة
الثانية : سر قوس قزح .
جاء في سفر
التكوين الكتاب المشترك لليهود والنصارى ما يأتي :
[ وكلم الله نوحا
وبنيه معا قائلا : وها أنا مقيم ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم أقيم ميثاقي معكم
فلا يتعرض كل ذي جسد أيضا بمياه الطوفان ، ولا يكون طوفانا ليخرب الأرض ] ومعناها
أن الله قد وعد نوح وأهله ونسلهم من بعدهم أن لن يفرقهم وأن لن يدمر البشرية
بالطوفان بعد ذلك . ولأجل ذلك وضع الله –سبحانه-
علامة قوس قزح ، حتى إذا هم بإحداث طوفان ظهر قوس قزح فيتذكر الرب الميثاق الذي
كان قد قطعه على نفسه فيمتنع عن إحداث التدمير . وهذا هو النص :
[ وضعت قوس في
السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض ، فيكون متى أنشر سحابا على الأرض ويظهر
القوس في السحاب أنى أذكر ميثاقي في الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل
جسد فمتى كان القوس في السحاب أبصرها
لأذكر ميثاقا أبديا بين الله وبين كل نفس حية في كل جسد على الأرض ]
يا الله قوس قزح
يذكر الله ، فعندما يهم الله لعمل طوفان يظهر له قوس قزح ليقول له ( حاسب ) فيتذكر
سبحانه فيعدل عن فعله ، سبحانه وتعالى عما يصفون
وهيا بنا نرتل القرآن
الكريم من أول كلمة فيه إلى آخر كلمة فيه فهل نجد أمثال هذه القصص .
* قصة ارتداد نبي الله سليمان في آخر عمره
وفي الكتاب المقدس المشترك لليهود والنصارى طبعة دار الكتاب المقدس
بالقاهرة
Arabic bible 1983نجد في سفر الملوك الأول إصحاح 11 صفحة 553 قصة سليمان
مع زوجاته الألف والتي منهم ثلاث مأة زوجة وثنية ،وأنه في آخر أيامة مال إلي
الوثنيات حبا فبني لهم المعابد بما فيها من أصنام وشاركهم في الذبح والتقرب
للأوثان ، مما يعني ارتداد النبي سليمان في آخر عمره ، وغضب عليه الرب ولكن اجل
عقابه ليصيب ابنه الذي يأتي بعدة فلم يعجل
له العقاب أكراما لخاطر أبيه داود ، لأن داود كان مخلصا وبارا مع الله ، ولكن
تفاجأ في مكان آخر في الكتاب المحرف وفي الأسفار نفسها نجد اتهام داود بالزنا
بزوجة خير القادة المجاهدين في جيشه بل وقتله ظلما وعدوانا ، فهل سكت الرب أكراما
لداود ( سبحانه وتعالي عما يصفون ) وهل في قصص القرآن الخالد المحفوظ أي نص كهذه
النصوص .
وفي نفس السفر (
سفر الملوك الأول ) إصحاح 13 صفحة 558 قصة نبي كبير خدع باسم الوحي نبي صغير وتسبب
في قتله بأن أفترسه أسد .
سادسا :
العلم في وحي السماء المحفوظ
أن الدارس المدقق والباحث المتمكن يجد أن القرآن هو الكتاب الوحيد من بين
الكتب المتاحة للفحص الذي جاءت فيه إشارات علمية كثيرة تصف الكون من البداية إلي
النهاية ومن الذرة إلي المجرة وتصف الإنسان من النطفة إلي المخ البشري وصفاً دقيقاً
تطابق مع الحقائق العلمية التي اكتشفت بعد نزول القرآن بأكثر من ألف عام، وأن
القرآن متفرد بذلك بلا منافس.
وليس هنا مجال لعرض إشارات العلوم في القرآن الكريم فمجالها مراجع الإعجاز
العلمي وهي كثيرة ، ولكن مجالنا هنا أن نتساءل :
هل يمكن أن يكون القرآن قد اقتبس تلك العلوم من الكتب السابقة له ؟
الإجابة اليقينية = لا وألف لا
لماذا ؟
لأن الكتب السابقة خالية من الإشارات العلمية التي ذكرها القرآن ، وحتى
القليل من إشارات العلوم المذكورة في الكتب المحرفة جاءت متناقضة مع الحقائق
العلمية اليقينية ، وفي أسلوب سطحي لا مجال للمقارنة بينه وبين ما جاء في القرآن بأي
شكل من الأشكال ، وسنكتفي بأمثلة قليلة وعلي الباحث أن يعود إلي النصوص إن أراد
التوسع في البحث :
وسنكتفي هنا بالمقارنة في قضيتين : أحدهما نشأت الكون ،والثانية علم الأجنة البشري
.
# القضية الأولي : نشأة الكون في العهد القديم : سفر التكوين الإصحاح الأول
هذا السفر يتناول قصة خلق السماوات والأرض من البداية إلي النهاية ،
ويقسمها إلي ستة أيام من أيامنا المعروفة ( 24 ساعة ) وسنكتفي باستعراض الأيام
الأربعة الأولي كما يأتي :
@ اليوم الأول : في البدء خلق الله السماوات والأرض * وكانت الأرض خربة
وخالية وعلي وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف علي وجه المياه * وقال الله ليكن نور
فكان نور *ورأي الله النور أنه حسن * وفصل الله بين النور والظلمة *ودعا الله
النور نهار والظلمة دعاها ليلا *وكان مساء وكان صباح يوما واحدا .
@ اليوم الثاني : وقال الله ليكن
جلد في وسط الماء * وليكن فاصلا بين مياه ومياه * فعمل الله الجلد وفصل بين المياه
التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد * وكان كذلك * ودعا الجلد سماء * وكان مساء
وكان صباح يوما ثانيا .
@ اليوم الثالث : وقال الله لتجتمع
المياه تحت السماء إلي مكان واحد ولتظهر اليابسة * وكان كذلك * ودعا الله اليابسة أرضا
* ومجتمع المياه دعاه بحارا * ورأي الله أن ذلك حسنا * وقال الله لتنبت الأرض
عشبا وبقلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه علي الأرض . وكن كذلك
. فأخرجت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا كجنسه وشجرا يعمل ثمرا بزره فيه كجنسه *
ورأي الله انه ذلك حسنا * وكان مساء وكان صباح يوما ثالثا .
@ اليوم الرابع : وقال الله لتكن أنوار
في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل * وتكون للآيات وأوقات وأيام وسنين * وتكون
أنوار في جلد السماء لتنير علي الأرض * وكان كذلك * فعمل الله النورين العظيمين
* النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل * والنجوم وجعلها
الله في جلد السماء لتنير علي الأرض ولنحكم علي النهار والليل ولتفصل بين النور
والظلمة *ورأى الله ذلك أنه حسن * وكان مساء وكان صباح يوما رابعا .
اكتفينا بالأيام الأربعة الأولي ولن نعلق علي التفاصيل الدقيقة وسنكتفي
بالإطار المباشر للنص فنقول : هناك تحفظات علمية وعقلية علي ما جاء في تلك النصوص
وهي :
1- (وكان مساء وكان صباح يوما
واحدا ) تحدد يوم الخلق بأربة وعشرون ساعة ، وقد اعترض علي ذلك موريس بوكاي .
2- النص يشير إلي أن المطر والنبات كان في اليوم الثالث ، وتم خلق الشمس في
اليوم الرابع ، مع انه من الناحية العلمية والعقلية لا بد من سبق الشمس التي بها –
في عالم الأسباب - تتم عملية البخر سبب المطر والماء العذب ، وبها تتم عملية
التمثيل الضوئي والتي بدونها تتوقف مظاهر الحياة .
هذه المشاكل العلمية العقلية لا توجد في القرآن الكتاب المحفوظ كما سنري .
# القضية الثانية : نشأة الكون في القرآن
الكريم :
ُ* يدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ
إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ [السجدة
: 5]
* تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ
مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج : 4]
* ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا
وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت
: 11]
* أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ
أَفَلَا يُؤْمِنُونَ [الأنبياء : 30]
* وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات :
47]
* فى النازعات قال
سبحانه ( أأنتم اشد خلقا أم السماء بناها 27 * رفع سمكها فسواها 28 * وأغطش ليلها
وأخرج ضحاها ) 29 ثم قال ( والأرض بعد
ذلك دحاها 30 * أخرج منها ماءها ومرعاها 31 )
نلاحظ هنا أن القرآن يتفوق علي
النصوص السابقة في قضايا هامة وعلمية منها :
1- أن اليوم في القرآن قد يشير إلي فترة زمنية طويلة
2- أن القرآن تفرد بالإشارة إلي البداية الدخانية للسماوات والأرض والي
البداية المشتركة
3- أن القرآن الكريم تفرد بالإشارة إلي عملية الفتق التي تمخض عنها النظام
الكوني المشاهد
4- أن القرآن الكريم تفرد بالإشارة إلي تمدد الكون .
5-أن التسلسل المنطقي والعلمي لظهور الشمس قبل
ظهور الماء العذب والنبات لهو دليل علي صدق الرسالة وصدق الرسول وحفظ القرآن . وهو
ما سنلخصه في الجدول التالي :
اولا : قضية نشأة الكون
المحيط بنا دراسة مقارنة
القرآن الكريم
|
الكتب المحرفة
|
ُثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا
وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
[فصلت : 11]
أشار القرآن الكريم إلي البداية الدخانية أو الغازية
للسماء والأرض
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ
أَفَلَا يُؤْمِنُونَ [الأنبياء : 30]
أشار القرآن إلي البداية المشتركة للسماء والأرض وحدث
التقطع والانفصال الذي حدث للتمايز بين السماء والأرض
وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات :
47]
فيها إشارة إلي تمدد الكون وتوسعه
فى النازعات قال
سبحانه ( أأنتم اشد خلقا أم السماء بناها 27 * رفع سمكها فسواها 28 * وأغطش
ليلها وأخرج ضحاها ) 29 ثم قال ( والأرض
بعد ذلك دحاها 30 * أخرج منها ماءها ومرعاها 31 )
* وهذه
لقطة شامله تشرح الترتيب الزماني لخلق أحداث في السماء سابقة لخلق إحداث علي
الأرض ، فالآية تخبر بخلق الشمس بضيائها أولا ، ثم جاء بعد ذلك دحو الأرض وإخراج
الماء والزرع والنبات ، وهو تسلسل عقلي يتمشى مع حقائق العلم ومفهوم المنطق العقلي
الذي يؤكد أن الشمس بضيائها لازمة لتكوين الماء العزب بالبخر ، وعملية التمثيل
الضوئي لازمة لحياة النبات بل للحياة كلها .
* هذا بخلاف ما جاء في الكتب المحرفة في سفر التكوين :
الذي ذكر أن الماء والنبات خلقا في اليوم الثالث بينما الشمس خلقت في اليوم
الرابع وهذا يخالف العلم والعقل الذي يوقن بأنه لا وجود للبخر والماء العذب إلا
في وجود الشمس ولا وجود للنبات إلا بوجود ضوء الشمس
|
لا توجد إشارة مماثلة لها في الكتب الأخرى السابقة
للقرآن ، بل تفرد القرآن بذلك
لا توجد إشارة مماثلة لها في الكتب الأخرى السابقة للقرآن
، بل تفرد القرآن بذلك
لا توجد إشارة مماثلة لها في الكتب الأخرى السابقة
للقرآن ، بل تفرد القرآن بذلك
@ اليوم الثالث : وقال الله
لتجتمع المياه تحت السماء الي مكان واحد ولتظهر اليابسة * وكان كذلك * ودعا الله
اليابسة ارضا * ومجتمع المياه دعاه بحارا * ورأي الله ان ذلك حسنا * وقال الله
لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه علي
الأرض . وكن كذلك . فأخرجت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا كجنسة وشجرا يعمل يعمل
ثمرا بزره فيه كجنسه * ورأي الله انه ذلك حسنا * وكان مساء وكان صباح يوما ثالثا
.
@ اليوم الرابع : وقال الله لتكن
انوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل * وتكون للآيات وأوقات وأيام وسنين
* وتكون أنوار في جلد السماء لتنير علي الأرض * وكان كذلك * فعمل الله النورين
العظيمين * النور الأكبر لحكم النها والنور الصغر لحكم الليل * والنجوم وجعلها
الله في جلد السماء لتنير علي الأرض ولنحكم علي النها والليل ولتفصل بين النور
والظلمة *ورأى الله ذلك أنه حسن * وكان مساء وكان صباح يوما رابعا .
|
ثانيا :
علم الأجنة دراسة مقارنة
القرآن الكريم
|
الكتب المحرفة
|
وأيوب إذ نادي
ربه أني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين
(83) الأنبياء
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى [القيامة
: 37]
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء
مَّهِينٍ [السجدة : 8]
ِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ
نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً [الإنسان : 2]
ولقد
خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة
علقة * فخلقنا العلقة مضغة * فخلقنا المضغة عظاما * فكسونا العظام لحما * ثم
انشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين . المؤمنون ( 12- 14 )
َا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ
الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ
عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ
لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء [الحج : 5]
|
وفي الإصحاح
العاشر يقول أيوب لربه :أحسنٌ عندك أن تظلم أن ترذل عمل يدك وتشرق علي مشورة الأشرار
، ويقول : يداك كونتني وصنعتني كلي جميعاً افتبتلعني ،اذكر أنك جبلتني كالطين
أفتعيدوني إلي التراب .
ألم
تصبني كاللبن وخسرتني كالجبن . كسوتني جلدا ولحما فنسجتني بعظام وعصب ، منحتني
حياة ورحمة ..
ولكنك كتمت هذا
..إن أخطئت تلاحظني ولا تبريني من أثمي . إن أذنبت فويل لي . وان تبررت لا ارفع
رأسي . إني شبعان هوانا وناظر مذلتي . وان ارتفع تصطادني كأسد ثم تعود وتتجبر
علي . فلماذا أخرجتني من الرحم ..اترك كف عني ( استغفر الله سبحانه وتعالي عما
يصفون )
|
الفرق واضح بكل المقاييس فالقرآن الكريم يرسم صورة علمية
يقينية كاملة لقصة الجنين كما رأته المجاهر وتعرف عليه العلماء حديثا .
فهاهو القرآن يشير إلي أن الجنين يتكون من نطفة مذكرة
تتحد مع نطفة مؤنثة لتكون نطفة أمشاج ، والتي منها يتكون الجنين مرحلة بعد مرحلة ،
تبدأ بمرحلة العلقة حيث تظهر علي الجنين خاصية التعلق بالرحم ، ثم مرحلة المضغة
ذات المرتفعات والمنخفضات بظهور الأجسام البدنية ، ثم مرحلة تشكل الهيكل العظمي
وكسائه بالعضلات إلي آخر المراحل .
بل أن كلمة امشاج – بدلا من أخلاط - تشير إلي معجزة بكل المقاييس ، تشير إلي عملية
امتزاج الكروموزومات ( المورثات ) في الزيجوت والتي قد صورت حديثا .
بل وهذا الوصف للنطفة المذكرة بالسلالة والتي تعني الخيط
الرفيع ينسل أو السمكة الصغيرة تنسل متحركة هذا الوصف يرسم صورة متحركة للحيوان
المنوي .
فهل للقرآن منافس في كل ذلك ، حاول أن تقرأ المقابل في
سفر أيوب ، والذي نجد فيه العرض الساذج بل وعبارات كفريه يوجهها أيوب إلي ربه
معترضاً ومتبرماً ( سبحانه وتعالي عما يصفون ) فهل بعد ذلك بينة تدل علي صدق
الرسالة وصدق الرسول .
إذن الدراسات العلمية العالمية البعيدة عن التعصب
والعصبية بينت يقينا أن خصائص الوحي الحق لا تنطبق إلا على كتاب وحيد لا
ريب فيه إنه القرآن الكريم بلا منافس أو بديل .
*
ويترتب علي ذلك أن النصوص المخالفة للوحي الحق لابد وأن تكون غير محفوظة قد جري عليها التحريف
.
@ فنعود مرة أخري
للتساؤل : هل هناك أدلة عقلية ونقلية تشير إلي حدوث التحريف ؟
* نجيب نعم هناك أدلة عقلية وأخري نقلية ( من القرآن
وما تبقي من نصوص مقدسة أخري )
* أما الدليل
العقلي فهو : ليس من
المعقول أن يجعل الله - العليم الحكيم - للمكلفين كتبا مختلفة متناقضة ثم يأمرهم
بأتباعها فيكفر بعضهم بعضا، فيتباغضو ويتصارعوا ويتقاتلوا ويتفرقوا فيضلوا باسم
المقدس ، لابد من رسالة واحدة يجتمع عليها المكلفون في عبادتهم لله الرحمن الرحيم . ولكن أمامنا
الآن عدة رسالات بينها تناقض واختلاف ويدعي صاحب كل رسالة أن رسالته هي
الحق الوحيد ، فلو كانت أحدهم حق فلا بد وأن تكون الأخرى المناقضة لها محرفة
أما الأدلة النقلية فهي
: ما جاء في القرآن :
(( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ..
)) النساء (46) .
(( يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً
مما ذكروا به .. )) المائدة (13)
(( يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون
إن أوتيتم هذا فخذوه ..)) المائدة (41) .
(( وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله
ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ))
البقرة (75)
وفي الكتب السابقة للقرآن لليهود
والنصارى : في سفر التثنية إصحاح 31 فقرة 24 عندما كمل موسى كتابة كلمات
هذه التوراة في كتاب إلى تمامها أمر موسى اللاويين حاملي تابوت عهد الرب قائلاً :
خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب (التابوت) تابوت عهد الرب إلهكم ليكون هناك
شاهداً عليكم لأني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة . هو ذا أنا بعد حي معكم اليوم
قد صرتم تقاومون الرب فكم بالحرى بعد موتي ]
ثم يستطرد موسى عليه السلام قائلا : [ اجمعوا إلي كل شيوخ أسباطكم وعرفائكم
لأنطق في مسامعهم بهذه الكلمات وأشهدوا عليهم السماء والأرض ، لأني عارف أنكم بعد
موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم به ويصيبكم الشر في آخر الأيام لأنكم
تعملون الشر أمام الرب حتى تغيظوه بأعمال أيديكم ] .
في هذا دليل نقلي على إمكانية التحريف
بعد موت موسى بل وهاهو موسى شخصياً يؤكد أنهم بعد موته سيفسدون ويزيغون عن طريق
الله ، وقد كانوا يفعلون ذلك وموسى بينهم والآيات ظاهرة أمامهم مباشرة فما بالهم
بعد موت موسى وقتل أئمة اليهود وحرق معابدهم وتدميرها بما فيها وتشريدهم على يد
(بنو خد نصر) وغيره بعد ذلك
وفي سفر أرميا 8 (من الكتب السابقة
للقرآن ) : [ كيف تقولون نحن حكماء وشريعة الرب
معنا . حقاً إنه إلى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب .. ] . [ ها قد رفضوا كلمة
الرب لأنهم من الصغير إلى الكبير كل واحد مولع بالربح من النبي إلى الكاهن كل واحد
يعمل بالكذب ]
فيه اتهام لحملة الوحي بالكذب من أنبياء
وكهنة وكتاب ، بل في (سفر الملوك الأول إصحاح 13 ) قصة نبي كذب على نبي آخر باسم
الوحي وأدى إلى قتله ، فهل يستحيل التحريف بعد ذلك ؟ إن
هذه الأدلة من كتبهم تحتم حدوث التحريف .
ملحوظة : الموسوعة اليهودية تعلن صراحة
أن ميلاد التوراة ينسب إلى عزرا وصحبه ، والكتبة هم الذين قاموا بوضع الشريعة
الشفهية لليهود
ويقرر الدكتور / أرثر روبن أستاذ علم
الاجتماع بالجامعة العبرية في القدس إن علماء الكتاب المقدس كلهم مجمعون على أن
العهد القديم (التوراة) جرى وضعه خلال وبعد النفي من بابل . ويصف
الأب (أدموند جاكوب) التوراة بالوثائق المتنافرة التي صنعها الخيال اليهودي جيلاً
بعد جيل ويقدم الأدلة على ذلك ……
ويذهب أ.د/ موريس بوكاي : إلى أن نصوص
الوحي قد اختلطت بما قد أضافه الكتبة من نصوص ليست وحياً قطعياً لأن هؤلاء الكتبة
قد عالجوا النصوص على سجيتهم ، وحسب الظروف التي عاشوها والضروريات التي كانت
عليهم مواجهتها؟
وأخيراً فقد اجتمع المجمع المسكوني
الثاني للفاتيكان (62_ 1965 ) لبحث مشكلة
وجود أخطاء في بعض نصوص الكتاب المقدس لهم وكان في إقرار المجمع بالإجماع ما
يأتي :
[ ….. إن هذه الكتب تحتوي على شوائب
وشيء من البطلان ] ، وهم ما يزالون يجتمعون ويحذفون ويعدلون .
ونتساءل أيضا : هل التحريف كان شاملا لكل الكتاب أم بقي قسم منه يحمل روح الوحي ؟
الإجابة
: حتى في الكتب المحرفة لا بد وأن نجد بعض النصوص التي تحمل روح وحي السماء فليس
من المعقول أن تختفي رسالة تماما لابد وأن
يبقى منها أثرة من علم تدل عليها وقد أكد القرآن ذلك بل أستدل به .
قضايا خطرة
نقطة
خطيرة لا بد من مناقشتها بحرية ليس بغرض فرض الحجر على عقيدة أو قهر أحد ، بل بهدف المناقشة العقلية والمنطقية لهذه
القضية التي يتعصب لها وبعنف أغلب الصليبيون ، وتستخدم في ارتكاب جرائم بالباطل
باسم الرب ، جرائم غاية في العنف والدموية والانحطاط والخسة .
إنها دعوى تكفير كل من لا يؤمن بأن الرب تجسد
- في هيئة عيسي عليه السلام في رحم العذراء مريم - ليضرب ويهان ويصلب ويقتل ويموت لأجل تكفير
خطيئة آدم ، وأن من لا يؤمن بذلك لا يستحق الحياة .
وقد
ترتب على ذلك الاعتقاد الباطل مذابح رهيبة لا تصدق كما حدث في الحروب الصليبية ،
وفي صبرا وشاتيلا والبوسنة والهرسك وغيرها ، ولأن هذا الفكر الضال موجود بصورة
علنية أو سرية ويسري كالنار يؤجج النفوس وينشر الفتن ويحرك به أعداء الحق معارك
طائفية وفتن دامية ، ولأن دين الإسلام
يكفر ذلك الاعتقاد ، وفي نفس الوقت فإن
الصليبيين يكفرون من لا يؤمن بذلك ويقودون عليه حرب صليبية ، فإن حل تلك المشكلة يشكل خطوة هامة لتجفيف
منابع فتن طائفية وحروب دموية غبية ، ولذلك نبدأ في مناقشة هذه القضية الشائكة
بعقل وحكمة بعيدا عن التعصب والعصبية والتقليد الأعمى فنقول :
أن
هذا الاعتقاد له جذور تاريخية قديمة تعود إلي ما قبل عيسي عليه السلام بسنين طويلة
، وهذه عجالة تبين الجذور الوثنية القديمة لهذه الفكرة التي هي من تلبيس ابليس علي
عقول المكلفين في دنيا التكليف :
اولا : قضية التثليث
أولا : في الإسلام
يرفض الإسلام هذا المعتقد ، كما جاء في كلام الله (لَّقَدْ
كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ
إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ
الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [المائدة : 73]
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ
وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ
فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً
لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ
لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً [النساء
: 171]
ثانيا : في الديانات الوثنية
كان عند أكثر الأمم البائدة الوثنية تعاليم دينية جاء
فيها القول بالثالوث الآهوتي أي أن الإله ذو ثلاثة أقانيم .
ففي الديانة الهندية أن هناك ثلاثة أقانيم غير منفكين في
الوحدة ( برهمة وفشنو وسيفا ) وبرهمة = الرب ، وفشنو = المخلص ، وسيفا = المبرئ
والمهلك والمعيد .
وبرهمة الخالق وفشنوا يمثل مبادئ الحماية والحفظ وهو
الأبن المنفك والمنقلب عن الحال الآهوتة ، وسيف المهلك والمعيد هو الروح القدس
ويسمونه كرشنا الرب المخلص والروح العظيم حافظ العالم المنبثق ( أي المتولد منه )
وفشنو هو الإله الذي ظهر بالناسوت علي الأرض ليخلص الناس .
والبوذيون يقولون أن بوذا إله له ثلاثة اقانيم ، وقد جاء
في الكتب الدينية الصينية أن أصل كل شيء واحد وهذا الواحد الذي هو أصل الوجود اضطر
إلي إيجاد ثان ، والأول والثاني أنشق منهما ثالث ، ومن هذه الثلاثة صدر كل شيء .
وكان المصريون القدماء يعتقدون بالتثليث ، وقال العلامة
بونيك في كتابه اعتقاد المصريين : وأغرب ديانة عم انتشارها في ديانة المصريين
الوثنيون القدماء هي قولهم ( بلاهوت الكلمة ) وأن كل شيء صار بواسطتها وان الكلمة
منبثقة من الله وأنها هي الله .
ثانيا : تجسد الله في عذراء ثم خروجه ليصلب ويقتل ويموت لتكفير الخطيئة
اولا : في الإسلام
لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ
أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً
وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة : 17]
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ
النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ
يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى
يُؤْفَكُونَ [التوبة : 30]
ثانيا : في الأساطير القديمة
* هناك أساطير قديمة تحكي عن عذراوات حملت من
الله( سبحانه وتعالي عما يصفون ) ومن كواكب آلهة وأنجبت أبناء للآلهة صلبت وعذبت
وقتلت من جل الخطية وماتت فداء للبشرية وتخليصا لها .
وأساطير الصلب والتعذيب والقتل والفداء ذكرت
في شعر اسيوس في أثينا قبل المسيح بخمس مائة عام .
أن تصور الخلاص بواسطة تقديم احد الآلهة ذبيحة فداء عن
الخطيئة قديم جدا عند الهنود الوثنيين وغيرهم وذلك قبل المسيح بأكثر من ألف عام ،
وكتاب الركفدا يمثل الآلهة يقدمون (بروشا) وهو الذكر الأول لعذراء قربانا ويعدونه
مساويا للخالق ، جاء في كتاب التزيا برهمانا ما نصه : سيد المخلوقات برجاباتي قدم
نفسه ذبيحة للآلهة .
ويعتقد الهنود أن( كرشنا) المولود البكر من عذراء الذي
هو نفس الإله( فشنو) والذي لا أول ولا آخر له تحرك حنوا كي يخلص الأرض من ثقل
حملها فأتاها وخلص الإنسان بتقديم نفسه ذبيحة عنه .
ويعد قدماء المصريين( اوسيريس) أحد مخلصي الناس وأنه عذب
وقتل ليخلص الناس لينالوا الحياة ، وأنه سيقوم بعد موته وأنه سيكون ديان الأموات
في اليوم الآخر .
وكان الفريجيون سكان أسيا ألصغري يعبدون( أتيس) الولد
الوحيد لعذراء المخلص ويمثلونه برجل مقيد في شجرة وقد قبض عليه جنود الكلدانيين
وصلبوه وسمروه وتعذب وقتل لأجل خلاصهم
وهنا يتساءل العقل المفكر : كيف تسرب هذا الضلال إلي
عقول المكلفين ؟
الإجابة : في رحلة التكليف من البداية قابلت الإنسان
ظواهر قاهرة كطاقات الكون المدمرة ، وأيضا ظواهر خارقة للعادة والتي يجريها الله
علي أيدي أنبياء ( معجزات ) أو أولياء ، وهنا يأتي الشيطان ليغري – من خلال قياس
فاسد – يغري المكلفين بأن الطاقة القاهرة أو المعجزة الخارقة مصدرها يبدأ وينتهي
في الأسباب ، ثم يغريهم الشيطان بعبادة الأسباب الفقيرة بذاتها بدلا عن المسبب
الغني بذاته القادر علي كل شيء .
نعود إلي القضية السابقة :
إنها
دعوى تكفير كل من لا يؤمن بأن الرب تجسد -
في هيئة عيسي عليه السلام في رحم
العذراء مريم - ليضرب ويهان ويصلب ويقتل
ويموت لأجل تكفير خطيئة آدم ، وأن من لا يؤمن بذلك لا يستحق الحياة
.
ونتساءل كيف تسرب ذلك الفكر
إلي عقول الصليبيين الجدد ؟
الإجابة : إما من خلال قياس فاسد أو تلبيس
إبليس وأعوانه أو أن المسيح قال ذلك لهم
نصوص
كتبهم التي مازالت تحمل روح الوحي تصدق القرآن وتؤكد أن المسيح لم يدع أنه الله بل أكد أنه رسول من عند الله كما يأتي :(( وقال
المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه
النار )) ومعنى ذلك أن المسيح لم يقل إنه إله يعبد بل قال لهم أن المعبود الحق هو
الله الذي لا إله غيره ولا شريك غيره . ولقد صدق القرآن في إخباره ، فلقد جاء في
إنجيل مرقس [ 12 : 28 – 29 ] – أن يسوع المسيح أجاب عندما سأله واحد من الكتبة عن
أهم الوصايا قائلاً : ( اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد ) بمعنى لا إله إلا
الله ، وفي إنجيل لوقا : [ 18: 18 –19 ] عندما سأل أحدهم عيسى – عليه السلام –
قائلاً له : أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية ، فقال له عيسى : (
أتدعونني صالحاً ليس أحد صالحاً إلا واحد هو الله ) بمعنى وحده لا شريك له
، وقال عيسى عليه السلام في إنجيل يوحنا (17:3 ) ( وهذه هي الحياة الأبدية أن
يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ) بمعنى لا إله إلا
الله والمسيح رسول الله ، وفي يوحنا (17:20 – 1) يقول المسيح لمريم المجدلية :
قولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم
ويقول في يوحنا (44:17 )
(
الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني ) .
لقد تطابق ذلك مع ما جاء في القرآن في
سورة المائدة ( وإذ قال الله يا عيسي ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلاهين
من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته
تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ( 116 ) ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي
وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت علي
كل شيء شهيد ( 117 ) هذا تماما ما جاء في القرآن مصدقا لما جاء في صحيح النصوص السابقة له
.
إذن لم يبق إلا أن ذلك الضلال كان بسبب
قياس فاسد أو تلبيس إبليس أو الاثنين معا ، إنه القياس الفاسد بدعم من تلبيس إبليس
بسبب ما شاهد العقل من معجزات في ولادة عيسي من عذراء من غير أب والمعجزات التي
جرت علي يديه بإذن
ربه مثل إحياء الموتى .
ولأن الشيطان وأعوانه كانوا قد سبقوا
بوضع فرية التثليث والتجسيد والصلب والفداء وذلك في الأمم الوثنية السابقة للمسيح
،فأن ذلك كان الأنموذج الذي وجد فيه شياطين الأنس والجن زادهم في تضليل الغافلين
من البشر .
وهنا جاء القرآن الكريم
بالهدي ودين الحق مقدما البينة والرد علي تلبيس إبليس :
@ والرد
علي تلبيس الولادة من غير أب واستخدامها كدليل علي ألوهية المسيح جاء قاطعا في
سورة آل عمران(59)
(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) ، وأيضا ما جاء في سورة المائدة : ( ما
المسيح عيسى ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان
الطعام أنظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أني يؤفكون ) 75
والذي يأكل الطعام فقير محتاج لمن يقومه
ويبقي علي حياته ، فلولا الطعام لهلك ، وأيضا الذي يأكل الطعام لا بد وأن يتصف
بأنه يقوم بعملية إخراج للبول والبراز وحاشا لله الواحد القهار أن يتصف بتلك
الصفات .
وهاهي بحوث الاستنساخ الحديثة تقدم
دليلا علميا عالميا على
بطلان ذلك الادعاء
، فقد تمخض الاستنساخ علي خروج كائن حي من الثدييات من أم بلا أب
@ أما بخصوص إحياء
الموتى فمع ما يقوله بعض باحثي الغرب بأنها حالات غيبوبة عميقة فإن القرآن الكريم يشير إلي أنها آية
أجراها الله سبحانه بإذنه علي يدي عيسي لتكون دليلا علي صدق رسالته ، وهذا ما اكده عيسي عليه السلام في انجيل يوحنا الذي يذكر قول عيسي عليه
السلام : أنا لا أقدر أن افعل شيء من نفسي ( ص 5 ف 30 )،
ولقد سبق ذلك ما أجري الله بعصي موسي من
معجزات أعجب ، فيها إخراج كائنات حية من العدم وتحريك رياح وتفجير ينابيع من صخور
وشق بحار ، ولم يقل أحد
أن العصا هي الله أو حتى موسي الذي استخدمها هو الله ، بل قيل أنها معجزات أجراها
الله لتكون حجة للرسل ودليلا علي صدقهم ، وحتى يتصعد العقل من العصا فيقول من المستحيل أن تفعل عصا لا حياة
فيها كل ذلك ، وأيضا من المحال أن يكون ذلك فعل موسي عليه السلام ، وهنا يصل العقل
المفكر أنها آية تؤكد صدق الرسالة وصدق الرسول وأن فوق كل ذلك الذي يقول للشيء كن
فيكون .
@وبقيت قضية الصلب لتكفير
خطية آدم والتي سنناقشها بالعقل والعلم كما يأتي :
إن هذه القضية ترتكز على أن الله سبحانه
قال لآدم : إن أكلت من هذه الشجرة موتاً تموت ، فلما عصى آدم وأكل منها وقع الرب سبحانه
في حيرة ( سبحانه وتعالى عما يصفون ) إذا نفذ كلامه فإن معنى ذلك أن لا يكون لآدم وجود ، وإذا لم يفعل ذلك فهذا حط من
قدر الألوهية ، واستمر عقل الله كما يقولون – سبحانه وتعالى عما يصفون – يفكر زمناً
طويلاً لحل هذه المشكلة حتى توصل إلى فكرة التجسد والنزول كبديل لآدم ليقتل ويموت
فيكون في ذلك تنفيذاً لوعيده وفي نفس الوقت إنقاذاً لآدم وتكفيراً لخطيئته .
وهذا الاعتقاد تكاد السماوات أن تنفطر
منه وتخر الجبال هداً للأسباب الآتية :
*
فيه اتهام لرب العالمين بأنه كان يجهل نتائج وعيده سبحانه وتعالى عما يصفون.
*عندما فوجئ بما حدث تحير واستمر يفكر
في الحل زمنا طويلا حتى وجد الحل (سبحانه وتعالى عما يصفون ) .
*إن الحل حدث بعد موت آدم وأجيال كثيرة
بعده بما فيهم من أنبياء ورسل .
*إن الحل كان بتعذيب وقتل وموت الرب
(سبحانه وتعالي عما يصفون )
فهل كان صعباً على الله سبحانه أن يذهب
بآدم ويخلق بدلاً منه
مليارات مثله.وهل تكفير الأكل من شجرة يتم بجريمة تعذيب وقتل رب العالمين ؟
ماذا كان حال الكون والرب ميت في قبره
؟ هل كانت الحيوانات والنباتات والديدان والميكروبات
حية بينما ربها ميت ؟
وقبل تكفير الخطيئة كانت لاصقة
بالأنبياء نوح وإبراهيم حتى عصر المسيح ، ومن هنا يكون إبراهيم – عليه السلام-
خاطئا والمسيح من سلالة إبراهيم عن طريق أمه ويكون قد ورث الخطيئة فهل يطهر دم
خاطئ خطيئة خطاه؟
وهل ذكرت الأناجيل أن هناك خطيئة أزلية؟
: لم تذكر الأناجيل ذلك بل أننا إذا رجعنا
إلى الأناجيل الأربعة لم نجد أنه ورد على لسان المسيح – عليه السلام – نص واحد
يشير من قريب أو بعيد إلى هذه الخطيئة الأزلية الموروثة عن آدم وحواء . بل نجد أن
كل الأحاديث تشير إلى الخطايا التي يرتكبها الناس أنفسهم بما كسبت أيديهم وألسنتهم
شخصياً وبسقوط دعوى الخطيئة الموروثة تسقط دعوى الصلب.
أن القرآن الكريم ينفي صلب المسيح عيسى ابن مريم
في قوله ( وما صلبوه وما قتلوه ولكن شبه لهم ) وهناك أدلة علي ذلك من روايتهم
سنتعرف عليها فيما يلي :
إن الأناجيل تجمع أنه جاء جمع يتقدمهم
يهوذا الإسخريوطي أحد الاثنا عشر ودنا من المسيح ليقبله ، فقال المسيح : يا يهوذا
بقبلة تسلم ابن البشر ، ثم قبض على المسيح وقادوه إلى قيافا رئيس الكهنة الذي قام
معهم ومضوا إلى بيلاطس الحاكم قائلين له : إنه يفسد أمتنا ويمتنع عن دفع الجزية
لقيصر ، وبعد المداولة قال بيلاطس : إني لم أجد علة على هذا الإنسان هكذا جاء في
إنجيل لوقا ، وعندما أظهر الحاكم عدم رغبته في صلبه صرخ القوم قائلين : أصلبه
فاضطر أمام رغبة الجميع أن يسلمه فأخذوه إلى المكان المحدد لصلبه فقابلهم في
الطريق رجل من القيروان يسمى ( سمعان ) كان آتيا من الحقل وحملوه الصليب
ولكن كيف يدل ذلك على عدم صلب المسيح ؟
الإجابة : أن بيلاطس كان غير راغب في
تسليم المسيح لأنه لم يجد عليه علة تدينه ولأنه جاء أيضا في الأناجيل أن زوجة
بيلاطس أرسلت إليه بينما هو جالس على كرسي الولاية وقالت له : إياك وذلك البار
لأني تألمت كثيرا في حلم من أجله . وكان بيلاطس كغيره من الرومان يقدسون زوجاتهم ،
وقد ذكر ذلك في إنجيل متى ، فلا يستبعد أن
يكون بيلاطس قام بعمل وهو الذي يملك من الجنود والحاشية والسلطة ما يملك ، وإنه
لشدة حقده على اليهود وخوفاً على مركزه لم يستطع عمل أي شيء في تلك اللحظة ولكن
أضمر في نفسه شيئا بأن وجه نظره إلى يهوذا الخائن والذي كان يشبه المسيح مما شجع
بيلاطس أن يأمر بعملية تبديل بين المسيح الذي لم يجد عليه علة وبين الخائن يهوذا .
بل هناك قول لبعض مؤرخي القرن المسيحي
الأول يقول : بأن يهوذا لم ينتحر ، ولكن طرأت عليه فكرة ارتاح لها ضميره الذي يؤنبه
بأن دخل وسط الزحام وتقدم إلى المسيح وحمل عنه الصليب ومكنه من الهرب بمساعدة جنود
بيلاطس وتلاميذ المسيح .
ولنعد لنناقش الإنجيل في عملية التبديل
التي نجزم بها ، وهو أنه أثناء سير الركب اختفى المسيح بمساعدة بيلاطس وأتباعه ،
وعندما شعر الجنود بهروبه لم يجدوا بداً من التصرف السريع حتى لا تلتفت أنظار
اليهود فيكتشفوا غيابه ،وكانت المصادفة حين قابلوا سمعان القيرواني ، وهذا ما جاء
في إنجيل لوقا :
( ولما مضوا به أمسكوا سمعان رجلاً
قيروانياً آتيا من الحقل ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلف يسوع ، فإذا كان المسيح
يراد به التنكيل والصلب فلماذا يريحوه بحمل سمعان للصليب بدلاً عنه ؟ إذن سمعان
كان هو البديل للمسيح ليغطي جنود بيلاطس هروب المسيح ، وصدق الله العظيم في قوله
(( وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه
يقينا )) 157النساء .
ولقد علم المسيح أصحابه قاعدة عامة هي
" كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه
" متى 21 / 22 ، ولا يعقل أن يعلم
المسيح أصحابه هذه القاعدة يكون هو خارج دائرة تطبيقها ، ولهذا " وخر على
وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس " متى 26 /
39 ، فقد صلى وطلب من الله النجاة وهو الذي
علم أصحابه كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه ، وبذلك يجب ألا نشك أبداً في
أنه نال النجاة ، وجاءت نصوص كثيرة تبين أن المسيح أخذ يصلي ويصرخ ويتضرع إلى الله
أن يخلصه من الموت من أجل تقواه ، وترتب على ذلك أن الله قد استجاب له وسمع له كما
جاء في رسالة بولس إلى العبرانيين ( إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر
ليخلصه من الموت ، وسمع له من أجل تقواه ) 5/7
فكانت النتيجة كما جاء في إنجيل يوحنا " سلاماً أترك لكم سلامي أعطيكم
" 14 / 27 " قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام " يوحنا 16 / 33 .
وقبل وقائع الصلب المزعوم وما قبله من
أحداث قال المسيح لأصحابه " وأما الآن فأنا ماضي إلى الذي أرسلني وليس أحد
منكم يسألني أين تمضي " يوحنا 16 / 5
.
وقد جاء بالنص في لوقا " مكتوب أنه
يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك وأنهم على أياديهم يحملونك لكي لا تصطدم رجلك بحجر
" 4 / 10 . فهل الذي يحفظ رجله من أن تصطدم بحجر يسمح بأن يعلق على صليب وتدق
في يديه المسامير ويطعن جنبه بالحربة ؟ وفي يوحنا10 / 36 " فطلبوا أن يمسكوه فخرج من بين أيدهم
" وأيضا في يوحنا 10 / 36 " فرفعوا حجارة ليرجموه أما يسوع فاختفى وخرج
من الهيكل مجتازاً في وسطهم " وفي هذه أدلة على أنه لم يصلب .
ثم إذا كان الرب أو ابن الرب في شخص
المسيح ، وقد تجسد ليقتل ويصلب ، فلما هذا البكاء والصراخ وطلب النجاة الذي قام به
المسيح ولماذا أخذ يصيح على الصليب إيلي إيلي لما شبقتني ، بمعنى إلهي إلهي لما تركتني
، لماذا يأمر تلاميذه بشراء سيوف وأسلحة للدفاع عنه عندما يأتوا للقبض عليه كما
جاء في لوقا 22 / 35 _ 36 " فقال لهم لكن الآن من له كيس فليأخذه ومن ليست له
فليبع ثوبه ويشتري سيفاً.
وقد كان بين المسيح وبين رئيس الكهنة
محاورات ومداورات سابقة ولا شك أن رئيس الكهنة يعرف المسيح معرفة جيدة ، فماذا كان
عندما أتوا به إلى رئيس الكهنة لتنفيذ حكم الصلب عليه ؟ جاء في إنجيل متى 26 / 64 " فقام رئيس
الكهنة وقال له أما تجيب بشيء .. وأما يسوع فقد كان ساكتاً ، فأجاب رئيس الكهنة
وقال له أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله ؟ " ما هذا
الأمر العجيب مجموعة أمسكوا بيسوع حيث اجتمع الكهنة والشيوخ ومع ذلك وسط هذا الجمع
رئيس الكهنة يستحلف الرجل الذي امسكوه بالله ويقول له هل أنت المسيح !!!
وإذا كان مثل هذا الشك من فرد يمكن
التغاضي عنه برغم ما أحاط به من ملابسات فما الذي يعنيه الشك في شخصية المسيح من
جميع الحاضرين فقد ورد في إنجيل لوقا 22 /
66 – 67 " ولما كان النهار اجتمعت مشيخة الشعب ورؤساء الكهنة والكتبة واصعدوه
إلى مجمعهم قائلين : إن كنت أنت المسيح فقل لنا ؟ " ولقد كانت إجابته :
" إن قلت لكم لا تصدقوني وإن سألت لا تجيبوني ولا تطلقوني " فما معنى
هذه الإجابة؟
المعنى الوحيد : إن قلت لكم أني لست أنا
المسيح لا تصدقوني ، ولهذا قال لهم : وإن سألت لا تجيبونني ولا تطلقوني ، فهم قد أتوا
به على أنه المسيح ولا يصدقون أنه ليس المسيح وبالتالي لا يطلقونه .
* وفي إنجيل لوقا 23 / 26 " ولما
مضوا به أمسكوا سمعان رجلاً قيروانيا كان آتيا من الحقل ووضعوا عليه الصليب ليحمله
خلف يسوع " بينما جاء في إنجيل يوحنا إصحاح 19 عدد 16 – 17 " فأخذوا
يسوع ومضوا به فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة " وهذا
التناقض يدل على شك واضح في شخصية حامل الصليب إلى مكان الصلب هل هو المسيح أم يهوذا أم الرجل القيرواني ؟ جاء في إنجيل متى
26 / 74 " أن بطرس عندما سئل هل تعرف المسيح الذي أمسكوا لكي يصلبوه ؟ فأجاب
أني لا أعرف الرجل وأخذ يلعن ويحلف على ذلك .
فهل كان بطرس كافراً أو منافقاً ؟ الإجابة : لا يمكن أن يكون بطرس ذلك لأن
منزلة بطرس عند المسيح كانت كبيرة فقد جاء على لسان المسيح وهو يوجه الكلام إلى
بطرس : " وأعطيك مفاتيح السماوات فكل
ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماوات وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً
في السماوات " متى 16 / 18 – 19 " ويصرح بطرس للمسيح ويقول له " لو
اضطررت أن أموت معك لا أنكرك"مرقص14/31 . وهذا يعني أن بطرس لم يك كاذباً أو
منافقاً عندما قال عن الرجل الذي كان في طريقه للصلب أني لا أعرف الرجل لأن الرجل
الذي كان في طريقه إلى الصلب لم يكن المسيح عيسى ابن مريم بل شبه لهم .
بل لقد ورد في إنجيل يوحنا إصحاح 20 عدد
12 – 13 – 14 " وفي ما هي ( مريم ) تبكي انحنت إلى القبر فنظرت ملكين بثياب
بيض جالسين واحداً عند الرأس والآخر عند الرجلين " بمعنى أن مريم رأت داخل
القبر ملكين أحدهما عند رأس الجثة والآخر عند الرجلين ، وفي نفس الوقت الذي رأت
فيه مريم هذا المقبور داخل قبره فنظرت يسوع واقفاً ولم تعلم أنه يسوع " هذه
النصوص صريحة في أن مريم رأت اثنين في نفس الوقت واحد منهم جثة ممددة في القبر ،
والآخر يسوع واقفاً خارج القبر ، فما الذي يمكن أن يفهم من هذا الكلام ؟ ليس هناك
إلا إجابة واحدة هي : أن الذي داخل القبر هو الذي شبه لهم وأن الذي هو خارج القبر
هو المسيح الذي نجاه الله من الصلب .
ولن نناقش التضارب والتناقض والاختلاف
بين الأناجيل في قصة الصلب فقد كتبت فيها مراجع كثيرة ونكتفي بلمحة جاءت في
الأناجيل بصريح النصوص تقول : أن جثة هذا المصلوب أنزلت من على الصليب بعد التاسعة
يوم الجمعة ودفنت في نفس اليوم وبقيت نهار السبت بأكمله داخل القبر وفي فجر يوم
الأحد كان القبر خالياً ، ومعنى هذا بقاء الجثة داخل القبر جزءاً من ليلة السبت ثم نهار السبت بأكمله
ثم ليلة السبت إلى فجر الأحد ثم اختفت !
وذلك يخالف تماماً ما جاء في رواية متى
إصحاح 12 / 40 " أن ابن الإنسان يبقى في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال
" .
وإذا كان يسوع قد شبه نفسه بيونان أي
نبي الله يونس الذي بقى في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال فنحن نقول : أن يونان
(يونس) في هذه المدة لم يك ميتاً بل كان حياً يرزق حتى لفظه الحوت ، فهو لم يمت
داخل بطن الحوت وقام من الموت ، وتشبيه المسيح نفسه بيونان (يونس) يعني أنه لم يمت
ولم يصلب ولم يقتل كما أن يونان لم يقتل في بطن الحوت
وقد أكد المسيح لتلاميذه نجاته من الصلب
والقتل بعد أن ظهر لهم لاحقا فقال " انظروا فإن الروح ليست له لحم وعظام كما
ترونني " لوقا 24 / 39 – 40" وبينما هم غير مصدقين من الفرح قال لهم :
أعندكم هاهنا طعام فناولوه سمكاً مشوياً وشيئاً من عسل فأخذه وأكل قدامهم .
إن الله تعالى لم يرض لإبراهيم أن يذبح
ولده وفداه بذبح عظيم فهل يرضى أن يذبح رسوله المسيح على صليب ؟ ثم كيف يكون الصلب
من أجل الجنس البشري كله ونجد في إنجيل متى إصحاح 15 عدد 31 وما بعده : " وانصرف
يسوع إلى نواحي صور وصيدا وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم تقول له ارحمني يا
سيد يا ابن داود ابنتي مجنونة جداً فلم يجبها بكلمة ، فتقدم إليه تلاميذه وطلبوا
إليه قائلين اصرفها لأنها تصيح ورائنا ، فأجاب وقال : لم أرسل إلا إلى خراف بيت
إسرائيل الضالة ، فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعني فأجاب وقال : ليس حسناً أن يؤخذ
خبز البنين ويطرح للكلاب ، فقالت : نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفتات التي
تسقط من مائدة أربابها .
فهو يرفض مساعدة المرأة لأنها كنعانية
ويحتج بأنه جاء فقط للإسرائيليين ، ويصف الشعوب الأخرى غير الإسرائيلية بأنها كلاب
لا يجوز أن يلقى لها خبز البنين ، ومع ذلك تستعطفه المرأة مبينة أن الكلاب تأكل
مما يتساقط من موائد أربابها " فهل مثل هذا الموقف موقف رجل جاء ليصلب ويقتل
من أجل الإنسانية كلها ؟ فهل الذي رفض أن يقدم مجرد المساعدة للكنعانية لأنها ليست
إسرائيلية يقبل أن يقدم حياته كلها من أجل الناس جميعاً ؟
بهذا نقطع بأن نصوص الأناجيل أثبتت أن
المسيح لم يصلب وأن الذي صلب هو الشبيه وأن الذين قاموا بالصلب وقعوا في اختلاف
وظن وشك ، وهذا يؤكد صدق إخبار القرآن في سورة النساء :
(( وما قتلوه وما صلبوه ولكن
شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما
قتلوه يقينا ً )) 157
هذا قليل من كثير وعلى العقل الباحث عن الحق أن يقارن ويختار .
وهنا تأتى أهمية الحوار الحر من خلال
إعلام قوي ومؤثر ومن خلال كتب ورسائل إنترنت ، تبين للمفكرين والعلماء وللغافلين
والمضللين أين رسالة الله الخالدة الباقية المحفوظة والعالمية حتى لا يستباح دم
وعرض وأرض أمة الإسلام ، وحتى تحقن كثيرا من دماء المغرر بهم ، وتجهظ كثيرا من المؤامرات التي تتحرك تحت مظلة النصوص
المحرفة أو القراءات المتطرفة لنصوص تحتاج إلى فحص وتدقيق .
فعندما
يعرف العالم أن القرآن هو كتاب الله الوحيد الخالد الباقي المحفوظ والصالح لقيادة الكون
إلى بر الأمان ، وأن الإسلام هو دين كمال البشرية ، وأن معجزة القرآن معجزة كونية
واضحة ، عندما يعرف العالم ذلك يقيناً من خلال الحوار الحر فإنه سينظر نظرة تقدير
إلى الأمة الإسلامية ويتعاطف معها ولا يفكر في استباحة دمها وأرضها وعرضها ، بل
سيدخل بإذن الله كثيراً من العلماء والمفكرين والقادة في دين الحق فيكتسب الإسلام
مزيداً من الدعم والقوة العالمية وسيشكل ذلك عمقا إستراتيجيا لأمة الإسلام .
وأخيرا
بعد أن ظهر الحق وتبين للعقل المفكر صدق الرسالة وصدق الرسول ، وأن القرآن الكريم هو
كتاب الله الوحيد الخالد الباقي المحفوظ ليدين به الجميع وليكون دستورا للعالمين لمن
شاء منهم أن يستقيم ، علينا جميعا من القمة إلى القاع أن نتوحد علي هوية الإسلام دين
كمال البشرية .
وعلي الشباب المتحمس أن ينصر دينه بالعلم والعمل والتقدم والحوار
الهادئ الهادف البعيد عن التعصب والعصبية والعنف فالدين لله المتفرد بالحكم والحساب ، وعلي الشباب المحب
لدينه أن يعامل أولى الأمر في ديار الإسلام بالرقة واللين والتناصح ، فنحن جميعا اخوة
وأقارب نرتبط بكلمة التوحيد ، وعلينا أن نفوت الفرصة أمام أعداء الأمة لإثارة معارك
ثأرية بين أفراد الأمة الواحدة بهدف تقطيعها تمهيداً لتركيعها ، نسأل الله القدير أن
يمن علينا بنعمة الهداية ، ويحمي أمتنا بنور الإيمان ، حتى نصبح بنعمة الله إخوانا
، ولا حول ولا قوة إلا بالله . والحمد لله رب العالمين .
@ وأخيرا قبل أن نحط الرحال نقول : بعد
كل هذه البينة ما العمل إذا أصر أهل الكتاب - الذين يعيشون بيننا ويشكلون جزئا من
نسيج الأمة – إذا أصروا علي اعتقادهم ؟
* الإجابة في القرآن
: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ
إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ
وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن
دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل
عمران : 64]
نتفق
علي التوحيد وعدم الشرك بالله ، ثم بعد ذلك :
*حرية العقيدة مكفولة في الإسلام
والحساب علي الله : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ
الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ ) [البقرة : 256]
*البر والقسط للمسالمين غير المحاربين
من أهل الكتاب :
(لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ
وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة : 8]
*العدل حتى مع المخالفين
: ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ
قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ
عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ
اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة : 8]
هذا
ما يتمتع به أهل الكتاب - والمخالفين الغير محاربين - في مدينة الإسلام الرشيدة ،
مودة وعدل وحماية ، والواقع العملي يؤكد ذلك من حفظ لأرواحهم وممتلكاتهم وأعراضهم
ومعابدهم وفي المعاملات التجارية والإجتماعية لأكثر من ألف عام .
خلاصة
وتعقيب
بعد
هذه الجولة العلمية تبين للعقل – يقينا – ان القرآن الكريم هو كتاب الله الوحيد
الخالد المحفوظ بلا بديل وأن الإسلام دين الله العالمي الخاتم بلا منافس .
فعلي
كل الأمة الموصوفة بمحور الشر والمهددة بالإبادة والسرقة والإستعباد - بأسم نصوص
مقدسة محرفة - عليها ان تدافع عن نفسها
بالتوحد علي هوية الحق ليكونوا كالبنيان المرصوص تكاملا وتماسكا وقوة ، وأن يكونوا
كالجسد الواحد اذا اشتكي عضو تداعت له سائر الأعضاء ، وأن يكون للأمة برنامج إعلامي
يفعل بكل الوسائل الفعالة بجدارة وقوة واستمرار محليا وعالميا ، تبين فيه الأمة
لأبنائها ولعقلاء الكون وقادة الحضارة معجزة القرآن وعالمية الإسلام ، وأن في
الإسلام طوق النجاة للحضارة العالمية بلا بديل .
وعلي
ان يكون ضمن البرنامج الرد علي المطاعن الموجهة الي الإسلام ، وتعليم الشباب
المتحمس كيف يبتعد عن الفتن والعنف ويستخدم العلم والحوار العقلي ، لأن الإسلام
يمكن ان يحقق بمنطقه العقلي الراقي ما لا تحققه اقوي الجيوش ، وأن يدرس ذلك
البرنامج في مدارس الأمة لتحمله الأجيال للعالمين .
لو
فعلت الأمة ذلك فأنها يمكن ان تكسب العالم بلا سلاح او قتال ، لأن كسب عقول وقلوب
قادة الحضارة وعقلاء الكون معناه كسبا عالميا وعمقا استراتجيا لكل الأمة المظلومة
.
تأليف الفقير الي الله :
د/ حسين رضوان اللبيدى
( مدير مستشفى ) بمصر وعضو هيئة الإعجاز العلمي بمكة سابقا
وعضو جمعية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم
بالقاهرة وجنوب الوادي
0127580446
Email : hussan_brain@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق